"يَسْقُون على زمزم"؛ يعني ينزعون الماءَ من بئر زمزم ويسقُون الناس.
"فلولا أن يغلبَكم الناسُ على سِقايتكم لنزعتُ معكم"؛ يعني: هذا عملٌ صالحٌ، وأرغبُ فيه من كثرة ثوابه إلا أن أخاف لو أنزع الماء بنفسي من هذا البئر لوافقني خلقٌ كثيرٌ ولرغب فيه خلق كثير وازدحموا عليه حتى يخرجوكم منه، فلأجل هذا السبب لا أنزع.
"فناولوه"؛ أي: أعطَوه دلوًا فشربَ منه، فصار الشرب من بئر زمزم سُنَّةً.
قصة حفر بئر زمزم:
قال عبد المطلب جدُّ النبي عليه السلام: بينما أنا بين النائم واليقظان إذ هتفَ بي هاتفٌ، وأمرني بحفر بئر زمزم، فقلت: وما زمزم؟ قال: بئرٌ لا يَنزِفُ ماؤها ولا ينقصُ فورانُها، يسقي الحجيجَ الأعظم مدى الدهر، ويتبرَّكُ به المُقيمُ والقادم، فخرجتُ مسرِعًا، وقد صحَبني ولدي الحارثُ، ولم يكن لي يومئذ ولدٌ غيرُه، وأتيتُ الحارثَ فوجدتُ غرابًا ينقُرُ بين إسافٍ ونائلةَ، فعمدتُ إلى ذلك الموضع وحفرتُه بأسهلِ ما يكون من غير لحوقِ مشقَّةٍ، فلمَّا بدا لي الماءُ كالعين الغزيرة الفَوَّارةِ كَبَّرْتُ، وحمدتُ الله على ما أنعمَ به عليَّ.
شرح مُشْكِلاتِ هذه القصة:
"هتفَ بي هاتفٌ"؛ أي: دعاني.
"لا ينزفُ"؛ أي: لا يفنى.
"فورانُها"؛ أي: غليانها وغلبتُها.
"يسقي الحجيجَ الأعظمَ"؛ يعني: تشربُ منه القافلةُ العظيمةُ التي تحجُّون بيت الله.
"يَنْقُرُ"؛ أي: يحفرُ في الأرض لأعلمَ أن ذلك الموضع موضع بئر زمزم.