للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٧٧ - عن طَلْحَةَ بن عُبَيْد الله بن كَرِيْز - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما رُؤِيَ الشَّيْطانُ يَوْمًا هو فيهِ أَصغَرَ، ولا أَدْحَرَ ولا أَحْقَرَ ولا أَغْيَظَ منهُ يومَ عَرَفَةَ، وما ذاكَ إلَاّ لِمَا يَرَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وتَجَاوُزِ الله تعالَى عنِ الذُّنُوبِ العِظامِ، إلَاّ ما كانَ مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ"، فقيلَ: وما رَأَى مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ؟، فقال: "إنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ وهو يَزَعُ الملائِكَةَ"، مُرسَلٌ.

قوله: "ما رُئِيَ الشيطانُ يومًا هو فيه أصغرُ ولا أدحرُ ولا أحقرُ ولا أغيظُ منه يومَ عرفة".

الضميرُ في (منه) يعود إلى الشيطان، و (يوم عرفة) منصوبٌ على الظرف؛ أي: الشيطانُ في يوم عرفَة أبعدُ مرادِه منه في سائر الأيام.

(أدْحَر) بالحاء المهملة؛ أي: أبعدُ من رحمة الله، ومن مرادِه.

وفي بعض النسخ: (أدخر) بالخاء المعجمة، وهو سهوٌ؛ لأن محيي السنة - رحمة الله عليه - شرحَ هذا اللفظَ في "شرح لسنة" بـ (أبعد).

وقال: معنى (أدحر): أبعدُ من رحمة الله، ولو كان أدخر - بالخاء المعجمة - لفسره بـ (أذلَّ)، ولم يفسِّره بـ (أبعد).

قوله: "ولا أغيظ"؛ أي: ولا أشدُّ غيظًا، يعني: يصيرُ الشيطان يوم عرفةَ ذليلًا وحقيرًا وكثيرَ الغيظ؛ لأنه يرى نزولَ الرحمةِ الكثيرةِ على المسلمين، وهو يكرهُ نزول الرحمة الكثيرة على المسلمين، ويحبُّ نزول الغضب والعذاب، فلما رأى أن الله تعالى يفعل بالمسلمين خلافَ ما يحبُّ الشيطان يصيرُ الشيطان حقيرًا.

قوله: "إلا ما كان من يوم بدرٍ"؛ يعني: الشيطانُ في يوم عرفةَ أحقرُ منه في سائر الأيام إلا يومَ بدْر، فإنه كان في يوم بدرٍ أحقرَ منه في يوم عرفةَ؛ لأنه رأى نزولَ الملائكة لمَدَدِ المسلمين، فلمَّا رأى نزولَ الملائكة وانهزامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>