للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: القرآن هو اللفظ الذي أنزله جبريل عليه السلام عن الله تعالى إلى نبيِّنا عليه السلام، وأمره أن يقرأه على هذا اللفظ ويَحْفَظَ ويعلِّمَ أمته، فقال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: ١٨] يعني: إذا أنزلنا عليك القرآن وقرأه جبريل عليك فاحفظ لفظه واقرأه وعلِّمه الناس واعمل بأحكامه، والقرآن هو الذي يُعجز جميع المخلوقات عن أن يأتوا بشيء مثله، فقال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨]. (الظهير): العون.

وأما الأحاديث التي حكاها النبي عليه السلام عن الله تعالى فليست بألفاظٍ أمر الله تعالى نبيه أن يحفظها ويقرأها، بل يحتمل أن يخبره الله تعالى بهذه المعاني ليلةَ المعراج، أو في المنام، أو بطريق الإلهام وغير ذلك، فأخبر النبيُّ عليه السلام أمته بهذه المعاني بعبارةِ نفسه وألفاظه عليه السلام.

ألا ترى أن حكم ألفاظ هذه الأحاديث ليست بمعجزةٍ، بل تشبه ألفاظُها ألفاظَ سائر أحاديث النبي عليه السلام، فإذا كان كذلك فحكمُ هذه الأحاديث حكمُ سائر الأحاديث لرسول الله عليه السلام.

فإن قيل: إذا كانت هذه الأحاديثَ أيضًا أحاديث رسول الله عليه السلام، وكلُّ أحاديثه عليه السلام من قِبَلِ الله تعالى وإلهامِه، فقد قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] يعني لم يتلفَّظ بلفظٍ من القرآن أو الحديث من تلقاء نفسه بل من عنده تعالى، فإذا كان كذلك فِبمَ يُعرف الفرقُ بين الأحاديث التي يرويها عن الله تعالى وبين غيرها من أحاديثه؟.

قلنا: أما الأحاديث التي أضافها إلى الله تعالى مثلَ قوله: "قال الله تعالى: كذبني ابن آدم"، وقوله: "قال الله: يؤذيني ابن آدم"، وما أشبهَ ذلك، فهي الأحاديث التي رواها عن الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>