سرورًا، وقد يكون حزنًا، وقد جاء القرآن بهما في قوله تعالى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[البقرة: ٢٥] الآية فهذه بشارةٌ فيها السرور، وقوله تعالى:{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[النساء: ١٣٨] فهذه بشارةٌ فيها الحزن.
(يتكل) أصله: يَوْتَكِل؛ لأنه مضارعٌ من الافتعال، من وَكَل يَكِلُ: إذا فوَّض الأمر إلى أحد، واتكل: إذا اعتمد واتكأ بأحد أو بشيء، واتكل أصله: اوتكل، قلبت الواو تاء وأدغمت التاء في التاء.
يعني: قال معاذ: يا رسول الله! أفتأذنُ لي أن أخبر الناس بأن لهم حقًّا على الله تعالى، وأن لا يعذب الله من لا يشرك به شيئًا؟ قال: لا, فإنهم لو سمعوا هذه البشارة لاعتمدوا عليها وتركوا الاجتهاد في العبادة.
فإن قيل: إذا لم يأذن رسول الله عليه السلام لمعاذٍ أن يخبر الناس بهذا الحديث، فكيف أخبر به الناس؟
قلنا: علمُ معاذٍ - رضي الله عنه - أن النبي عليه السلام نهاه عن الإخبار بهذا الحديث لأجل أن لا يعتمد بعضُ الناس على هذا الحديث، ويتركوا العمل، وهذا يكون في بدء الإسلام، أما إذا صار الرجل صاحبَ ذوقٍ من الإسلام، وغَلَبَ على قلبه حقيقةُ الإيمان، وعلم أن عبادة الله تعالى تزيد له من الله تعالى قربًا، فكيف يترك مثلُ هذا الرجل العبادةَ بمثل ذلك الحديث؟ فإذًا علم معاذُ بن جبل أن الإسلام قوي، وحرص الصحابة على العبادة أشد، فحينئذٍ أخبرهم.
وجدُّ معاذٍ: عمرو بن أوس بن عائذ، وكنية معاذ: أبو عبد الرحمن، وهو أنصاري.
* * *
٢٤ - وقال: "ما مِنْ أحدٍ يشهدُ أنْ لا إله إلَاّ الله وأنَّ محمدًا رسولُ الله،