صِدْقًا مِنْ قلبهِ، إلَاّ حرَّمهُ الله على النَّارِ"، رواه مُعاذٌ.
قوله: "إلا حرَّمه الله على النار": اعلم أن رسول الله قال هذا الحديث في أول الإسلام، في وقتٍ لم يجب شيءٌ من الأركان، ومَن قال في ذلك الوقت كلمتي الشهادة ومات في ذلك الوقت حرَّمه الله تعالى على النار؛ لأنه أتى بما وجب عليه ولم يترك شيئًا من الأركان؛ لأنه لم يكن في ذلك الوقت شيءٌ من الأركان واجبًا، وأما بعد وجوب الأركان من الصلاة وغيرها لم يكن قوله كلمتي الشهادة كافيًا في الخلاص من النار، بل يجب عليه الإتيان بجميع الواجبات، والانتهاءُ عن جميع المناهي.
ويحتمل أن يريد رسول الله عليه السلام بهذا الحديث أن كل كافر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ومات عن قريبٍ قبل أن يتمكن من الإتيان بفرضٍ آخر، حرَّمه الله تعالى على النار؛ لأنه مات في الحال قبل أن يقدر على أداء فرضٍ آخر، وإذا قلنا: المراد هذا بهذا الحديث، فيكون في جميع الأوقات والأزمان هكذا الحكم، ولم يكن مخصوصًا بأول الإسلام على هذا الاحتمال.
وقوله: "صدقًا من قلبه": احترازٌ عن النفاق؛ لأن كلمتي الشهادة لا تنفعان المنافق يوم القيامة؛ لأنه لم يقلهما صدقًا من قلبه.
واعلم أنه حيث جاء في الحديث اسمُ معاذٍ مطلقًا من غير أن يذكر اسمُ أبيه فهو معاذ بن جبل - رضي الله عنه -.
* * *
٢٥ - وعن أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قال: أَتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوبٌ أبيضُ وهو نائمٌ، ثم أتيتهُ وقد استيقظَ، فقال: "ما مِنْ عبدٍ قال: لا إله إلا الله، ثمَّ ماتَ على ذلك، إلَاّ دخلَ الجنَّة"، قلتُ: وإنْ زَنى، وإن سَرق؟ قال: "وإنْ زَنى وإنْ