للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ابن الله، وقال بعضهم: إن عيسى شريكُ الله، وقال بعضهم: الله هو عيسى ظهر في هذه الصورة، وكلُّ ذلك كفرٌ، بل ليعتقد الناس أن عيسى عبد الله ورسوله.

"وابن أمته"؛ أي: أمُّ عيسى ابن مريم أَمَةُ الله تعالى كسائر النساء، إلا أن لها شرفًا وفضلًا على سائر النساء.

وقوله: "وكلمته": سمِّي عيسى كلمةَ الله؛ لأنه حَصَلَ من كلمةٍ واحدةٍ وهو أمره تعالى: (كن)، فلما أمر الله لصورة عيسى: (كن)، فكان من غيرِ واسطةِ أبٍ، والتقدير: عيسى الموجود بكلمةٍ.

وقيل: سمَّي كلمةَ الله لأنه كان يتكلم في المهد، وزمانُ المهد ليس زمانًا يتكلم فيه الصبي، فإذا تكلَّم يكون ذلك معجزةً وإنطاقًا من الله تعالى إياه بما تكلم.

وقيل غيرُ هذا ويطولُ ذكره.

"ألقاها إلى مريم"؛ أي: ألقى الكلمة - يعني صورة عيسى عليه السلام - في رحم مريم من غير أبٍ.

"وروح منه": (الروح) عيسى عليه السلام، و (منه): أي: من الله؛ يعني: عيسى روحٌ مخلوقٌ كسائر المخلوقات، إلا أن له شرفَ النبوة، وإنما قال: (روح منه)؛ لأنه حصل بأمر من الله لا بواسطةِ أبٍ.

وقيل: سمِّي عيسى روحًا؛ لأنه تحصلُ الروحُ في الأجساد الميتة بدعائه.

واعلم أن الله تعالى لمَّا أخذ من ظهر آدم عليه السلام ذريته أخرجهم من ظهره مثلَ الذر، وقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] فلمَّا أقروا بكون الله تعالى ربَّهم واعترفوا بأنهم عباد الله، ردَّهم إلى ظهر آدم عليه السلام كما كانوا، إلا روحَ عيسى فإنه ما ردَّه في ظهره بل حفظه إلى أن قدَّر الله تعالى أن تحمل مريم، فأرسل جبريل بروح عيسى عليه السلام إلى مريم، فأخذ جبريل

<<  <  ج: ص:  >  >>