للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي عبارة هذا الحديث تساهلٌ من المُصنِّف أو النُّسَّاخ؛ لأنه جاء في "الصِّحاح": "لا تُحرِّم المَصَّةُ والمَصَّتانِ"، ويُروَى: "لا تُحرِّمُ الإمْلاجةُ والإمْلاجتانِ".

يعني: هاتانِ العبارتانِ جاءتا بروايتَين، لا بروايةٍ واحدةٍ؛ لأنه لو كان بروايةٍ واحدةٍ يكون تكرارًا؛ لأنَّ المَصَّةَ والإمْلاجةَ بمعنًى واحدٍ، وكيف يجوز التكرارُ في حديثٍ واحدٍ وفي روايةٍ واحدةٍ؟!

واعلمْ أنَّ مذهبَ الشافعيِّ، وإحدى الروايتين عن أحمدَ: أنه لا تَثبتُ حُرمةُ الرَّضاعة بأقلِّ من خمسِ رَضَعاتٍ، ومذهبَ مالكٍ وأبي حنيفةَ: أنه تَثبتُ الحُرمةُ بقليلِ الرَّضاعِ وكثيرِه، وقال داود: تَثبتُ بثلاثِ رضعاتٍ، وقيل: لا تَثبتُ بأقلَّ من عشرِ رضعاتٍ.

* * *

٢٣٥٤ - وقالت عائشةُ رضي الله عنها: كانَ فيما أُنزِلَ من القرآن: (عَشْرُ رَضَعاتٍ معلوماتٍ يُحَرِّمْنَ)، ثم نُسِخنَ بـ (خمسٍ معلوماتٍ)، فتُوفيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهي فيما يُقرأُ من القرآنِ.

قول عائشة رضي الله عنها: "كان فيما أنزل من القرآن: عشرُ رَضَعاتٍ معلوماتٍ يُحرِّمْنَ، ثم نُسخْنَ بخمسٍ معلوماتٍ"؛ يعني: كانت في القرآن آية فيها: أنَّ المُحرِّمَ من الرَّضاع عشرُ رَضَعات، ثم نُسخَتْ تلاوة تلك الآيةُ، ونُسخَتْ من حُكمِها خمسُ رَضَعاتٍ، وبَقيَتْ خمسُ رَضَعاتٍ، فبقي الحُكمُ فيها: أنَّ المُحرِّمَ خمسُ رَضَعاتٍ لا عشرٌ.

وليس في لفظ القرآن أنَّ المُحرِّمَ عشرُ رَضَعاتٍ أم خمسٌ، بل نُسِخَتْ تلاوةُ آيةِ الرضاعِ مُطلقًا، وبقي حُكمُ تحريمُ خمسِ رَضَعاتٍ، وهذه الآيةُ كآية الرَّجم؛ فإنه نُسخَتْ تلاوتُها، وبقي حُكمُها.

<<  <  ج: ص:  >  >>