قولها:"فتُوفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهي فيما يُقرَأُ من القرآن"، الواو في (وهي): واو الحال، والضمير في (وهي): ضمير آية: أنَّ المُحرِّمَ عشرُ رَضَعات؛ يعني: كان الناس يقرؤون تلك الآيةَ حتى تُوفَّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا معنى ظاهرِ لفظِها, ولكن ليس مرادُها هذا المعنى؛ لأنَّ تلك الآيةَ لو كان الناسُ يقرؤونها حتى تُوفَّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فيجب أن لا تكونَ منسوخةً؛ لأنَّ النسخَ لا يُتصوَّر بعدَ وفاةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بل مرادها: أنَّ الناسَ كانوا يقرؤون تلك الآيةَ إلى قُربِ وفاةِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فنُسخَتْ قبلَ وفاتِه - صلى الله عليه وسلم - بزمانٍ يسيرٍ.
* * *
٢٣٥٥ - وعن عائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليها وعندَها رجلٌ فكأنه كرِهَ ذلك فقالَتْ: إنه أخي، فقال:"انظُرْنَ ما إخْوانُكُنَّ، فإنَّما الرَّضاعةُ من المَجاعَةِ".
"عن عائشةَ رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخلَ عليها وعندَها رجلٌ، فكأنه كرهَ ذلك ... " إلى آخره.
وفي بعض نسخ "المصابيح": "أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: انظرِي ما إخوانُكنَّ؟ " وهذا خَبطٌ من الناسخ؛ لأنه غيرُ مستقيم في المعنى وفي الرواية؛ أمَّا في المعنى فلأنَّ قولَه - صلى الله عليه وسلم -: (انظرِي) خطابُ واحدةٍ، وقولَه:(إخوانُكنَّ) خطابُ جماعةِ، وهذا متناقضٌ، وأمَّا في الرواية فلأنه لم يُنقَلْ في "الصَّحاح": (انظرِي) بالياء، بل (انظرْنَ) بالنون.
وقوله:(ما إخوانُكنَّ) قد رُوي بلفظة: (ما)، وقد رُوي بلفظة:(من)، فمَن رَوى بلفظة (مَن) فظاهرٌ، ومَن رَوى بلفظة (ما) فهو في معنى (مَن)؛ لأنَّ (مَن) للعقلاء، و (ما) لغيرهم.
معنى هذا الكلامُ أنه ليس كلُّ مَن ارتضعَ لبن أمَّهاتِكنَّ يَصيرُ أخاكُنَّ، بل