فإن لم تقلْ: إني أَرضعتُ فلانًا أو فلانةً، بل قالت: أَشهدُ أنَّ بين فلان وفلانة رضاعًا، فهل تُقبَلُ شهادةُ امرأةٍ واحدةٍ؟! قال أحمدُ: تُقبَل ولكنْ تحلف، وقال مالكٌ: تُقبَل شهادةُ امرأتَين، وقال الشافعيُّ: تُقبَل شهادةُ أربعِ نسوةٍ أو رجلَين أو رجلٍ وامرأتَين، وقال أبو حنيفةَ: تُقبَل شهادةُ المُرضعة وحدَها، وأمَّا غيرُ المُرضعة فلا تُقبَل عندَه، إلا شهادةُ رجلَين أو رجلٍ وامرأتَين.
* * *
٢٣٥٦ - وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ حنينٍ بعثَ جيشًا إلى أوْطاسٍ فأَصابُوا سبايا، فكأنَّ ناسًا من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجُوا من غِشيانِهِنَّ مِن أجلِ أزواجِهِنَّ من المشركينَ، فأَنزلَ الله - عز وجل -: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: فَهُنَّ حلالٌ لكم إذا انقضَتْ عِدَّتُهنَّ.
قوله:"فأصابوا سبَايا"، (السَّبَايا) جمع سبيَّة، وهي (فَعِيلة) بمعنى: مفعولة، من (سَبَى يَسبي): إذا أغار: نساءُ الكفارِ وأولادهم.
قوله:"تحرَّجوا"؛ أي: تجنَّبوا، (التحرُّجُ): التجنُّب من الإثم.
"الغَشَيان": المُجَامَعة؛ يعني: وجدوا في ذلك الغزو سَبَايا من نساء الكفار، فقسمُوهنَّ بينهم، وكان بعضُهم يَطَأ مَن وقعَتْ في نصيبه من السَّبيَّة، وبعضُهم يَعتقدُ تحريمَ وطئهنَّ؛ لأجل أنَّ لهنَّ أزواجًا من الكفار، وقال: كيف يجوز وطءُ امرأةٍ لها زوجٌ؟! فنَزل قولُه تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤]؛ النساء ها هنا: النساءُ اللاتي لهنَّ أزواجٌ، وهذا معطوفٌ على قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣]؛ يعني: هؤلاء المذكوراتُ في هذه الآية مُحرَّماتٌ عليكم، والنساءُ اللاتي لهنَّ أزواجٌ أيضًا مُحرَّمات على غير أزواجِهنَّ، {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}؛ يعني: إلا