القطع، وطلاقُ البَتِّ أن يقول: طلَّقتُ امرأتي البتَّةَ، أو يقول: بَتَتُ طلاقَها، أو يقول لامرأته: أنتِ مَبتوتةٌ، ففي جميع ذلك يتعلَّق بنيَّته، ولا يقع أكثرُ ممَّا نوى؛ فإن نَوى عددًا وقع ذلك العددُ، وإن لم يَنوِ عددًا وقعـ[ـت] طَلْقةٌ واحدةٌ، ويكون الطلاقُ رجعيًا إن كان بعد الدخول وكان بغير عِوضٍ، هذا مذهب الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إن نَوى ثلاثًا يكون ثلاثًا، وإن نوَى اثنين، أو لم يَنوِ شيئًا، أو نَوى واحدةً، وقع في هذه الصور الثلاث طَلْقةً بائنةً.
وقال مالك: وقع الثلاثُ، سواءٌ نَوى واحدةً أو أكثرَ أو لم يَنوِ شيئًا.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أردتَ إلا واحدة؟ " وهذا تحليفٌ منه - صلى الله عليه وسلم - لرُكانَةَ؛ يعني: قلْ: والله لم يكنْ في نيَّتي إلا طَلْقةٌ واحدةٌ.
قوله:"فردَّها عليه رسول الله"؛ يعني: أمرَه بالرجعة، بأن يقول: راجعتُها إلى نكاحي.
* * *
٢٤٥٣ - وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ثلاثٌ جِدُّهن جِدٌّ وهَزْلُهن جِدٌّ: الطَّلاقُ، والنِّكَاحُ، والرَّجعةُ"، غريب.
قوله:"ثلاثٌ جدُّهنَّ جدٌّ ... " إلى آخره، الحكمُ كما هو في هذا الحديثِ بالاتفاقِ، حتى لو نكحَ أو طلَّقَ أو أعتقَ وقال: كنتُ لاعبًا أو هازلًا، لم يَنفعْه هذا اللفظُ، بل لزمَه النكاحُ والطلاقُ والعتاقُ، وكذلك البيعُ والهِبةُ وجميعُ التصرفات؛ وإنما خصَّ هذه الثلاثةَ بالذكر؛ لأنَّ هذه الثلاثةَ أمرُها أعظمُ وآكدُ.