الرجل مرةً واحدة، وزاد الجهادَ وبيَّن أن به رفعةُ الدين؛ لتكون هذه الفضيلة في بعض الأحوال محرِّضًا للناس على الجهاد.
والجواب الثاني: أن المجاهد قلما يترك الزكاة والصوم والحج؛ لأن الجهاد فضيلةٌ في بعض الأحوال وفرضُ كفاية في بعض الأحوال، ومَن أتى بالجهاد الذي هو فضيلة أو فرضُ كفاية فكيف يترك الزكاة والصوم والحج مع أن كلَّ واحد من هذه الأشياء فرضُ عينٍ؟ ولأن الجهاد أشقُّ على النفس من هذه الأشياء، ومَن أتى بما هو الأشق فكيف يترك بما هو الأخف والأيسر على النفس؟
قوله:"بملاك ذلك"، (الملاك) بكسر الميم: ما به إحكامُ الشيء وتقوِيَتهُ وإكماله، من مَلَك - بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر - مَلْكًا بفتح الميم: إذا أَحسن عَجْنَ الدقيق وبالغ فيه، وذلك إشارةٌ إلى ما ذكر من أول الحديث إلى ها هنا من العبادات، يعني: أُخبرك بشيء يَكْمُل ويتمُّ به لك ثوابُ هذه العبادات.
قوله:"فأخذ بلسانه" الباء زائدة، والضمير راجعٌ إلى النبي عليه السلام؛ يعني: أخذ رسول الله عليه السلام لسانَ نفسه وقال لمعاذ: "كفَّ عليك هذا" بضمِّ الكاف وفتح الفاء أمر مخاطب، مِن (كفَّ) بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر (كفًا): إذا منع.
قوله:"عليك هذا"(هذا): إشارة إلى اللسان، والتقدير: كُفَّ اللسان عليك؛ أي: احفظ لسانك من أن يوقع عليك ضررًا وهلاكًا وخسارًا في الدنيا أو في الآخرة؛ يعني: لا تتكلم بكلام يكون لك به إثمٌ.
قوله:"إنا لمؤاخذون بما نتكلم به"، (المؤاخذة): أن يأخذ أحدٌ أحدًا بذنبٍ، والفعل منه (آخَذَ يؤاخِذُ) واسم الفاعل: (مؤاخِذ) بكسر الخاء، والمفعول:(مؤاخَذ) بفتح الخاء، وقوله:(لمؤاخذون) مفعولٌ منه، يعني: هل