مِنَ الصَّادِقِينَ}. فجاءَ هلالٌ فشَهِدَ والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:"إنَّ الله يعلمُ أنَّ أحدَكما كاذبٌ، فهل منكما تائبٌ؟ "، ثم قامَتْ فشهِدَتْ، فلما كانَت عندَ الخامسةِ وَقَفوها وقالوا: إنَّها مُوجِبةٌ! قال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: فتَلَكَّأَتْ ونكصَتْ حتَّى ظَنَنا أنها تَرجِعُ، ثم قالت: لا أَفْضَحُ قَومي سائرَ اليومِ، فمَضَتْ، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَبْصِرُوها! فإنْ جاءَت به أَكَحَلَ العينينِ، سابغَ الأَليتينِ، خَدَلَّجَ السَّاقينِ فهو لشريكِ بن سَحْماءَ"، فجاءَت به كذلكَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لولا ما مَضَى مِن كتابِ الله لكانَ لي ولها شأنٌ".
قوله:"قذف امرأتَه عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشَريك"؛ يعني: قال: إنَّ شَريكًا وَطِئها بالزِّنا.
قوله:"البينةَ أو حدًّا"؛ يعني: أَقِمْ أربعةَ شهودٍ بأنها زَنَتْ، أو انقَدْ لحدِّ القَذْف، وقولنا:(انقَدْ): أمرُ مُخاطَب، من (انقادَ): إذا استَسلَمَ وأطاعَ.
قوله:"فتلَكَّأت"؛ أي: توقَّفت.
"ونَكصَت"؛ أي: انقلَبَت، ورجعت على عقبَيها؛ يعني: سكنَتْ بعد الكلمة الرابعة حتى ظننَّا أنها ندمَتْ على اللِّعان.
قولها:"لا أفضحُ قومي سائرَ اليوم"؛ يعني: فقالت: لا أفضحُ قومي في جميع الدهر، بأن أرجعَ عن اللِّعان، وأُثبتَ على نفسي الزِّنا.
"فمضَتْ"؛ أي: أتَمَّت اللِّعانَ بأن قالت الكلمةَ الخامسةَ.
قوله:"لولا ما مضى من كتابِ الله لَكانَ لي ولها شأنٌ"، (شأن): اسمُ (كان)، و (لي) خبرُها، و (الشأن): الأمر؛ يعني: لولا أنَّ القرآنَ حكمَ بأنه لمَّا تلاعَنَ الزوجانِ، لم يكنْ عليهما حدٌّ ولا تعزيرٌ، وإلا لأَقمتُ عليها حدَّ الزِّنا؛ لأنَّ الولدَ يُشبهُ الزاني.