٢٥٥٢ - وقال:"من حلَفَ على مِلَّةٍ غيرِ الإسلامِ كاذِبًا فهوَ كما قالَ، وليسَ على ابن آدمَ نذرٌ فيما لا يملِكُ، ومَن قتلَ نفسَه بشيءٍ في الدُّنيا عُذِّبَ بهِ يومَ القيامةِ، ومَن لعنَ مُؤْمِنًا فهو كقتلِهِ، ومَن قَذَفَ مؤمنًا بكفرٍ فهوَ كقتلِهِ، ومَن ادَّعى دَعْوَى كاذِبةً ليَتَكَثَّر بها، لم يَزِدْهُ الله إلا قِلَّةً".
قوله:"مَن حلفَ على مِلَّة غيرِ الإسلامِ كاذبًا فهوَ كما قالَ"؛ يعني: مَن حلف على مِلَّة من المِلَل الباطلة بأن قال: بالمِلَّةِ اليهوديةِ والنصرانيةِ لأَفعلَنَّ كذا؛ فهو كما قال؛ أي: فهو صار من جملة أهل الدِّين الذي حلف به، سواءٌ كان صادقًا أو كاذبًا؛ لأنه عظَّم دِينًا باطلًا بأن حلف به، فأمَّا لو قال: إن فعل كذا فهو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ؛ إن كان كاذبًا فهو كما قال؛ يعني: إن فعل ذلك فهو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ كما قال، وإن كان صادقًا - أي: إن لم يفعلْه - فلم يَرجعْ إلى الإسلام سالمًا، بل يحتاج إلى تجديدِ كلمةِ التوحيد؛ فعند الشافعي ومالك: لا كفَّارةَ عليه إذا فعل ذلك لتعظيمه؛ يعني: تعظيمُهُ ذلك لا يُقبَلُ الكفَّارةَ، وعند أبي حنيفة وأحمد: فعليه كفَّارةُ اليمين.
قوله:"عُذِّب به يومَ القيامة"؛ أي: عُذِّب بذلك الشيء الذي قَتل به نفسَه.
قوله:"ومَن لعن مؤمنًا فهو كقتلِه"، (هو): عائدٌ إلى اللَّعن الذي يدلُّ عليه (لعنَ)؛ يعني: مَن لعن مؤمنًا فلعنُه إياه كقتلِه من بعض الوجوه؛ وإنما شبَّه اللَّعنَ بالقتل؛ لأنه إذا قتلَه أذهبَ عيشَه الدُّنيويَّ له بإزهاقِ روحِهِ، وإذا لعنَه أذهبَ عِرضَه بلعنِه وشتمِه؛ فإذهابُ عِرضه كإذهابِ نفسِهِ، كلاهما يُوجب الإثمَ له، وكذلك "قذفُه مؤمنًا بكفرٍ" مثلُ قتله، كما ذُكِر.
وقيل: تشبيه اللَّعن بالقتل، والقَذف بالكُفر من حيث إنَّ الجميعَ مُحرَّم؛ يعني: كما أنَّ القتلَ مُحرَّمٌ، فكذا اللَّعنُ والقَذفُ، فلهذا شبَّههما - صلى الله عليه وسلم - بالقتل.