الإيمان، والمساءةَ لأهل النفاق والكفر والطغيان، فصار ضربُ الدُّفَّ ها هنا كالطاعات، فلهذا قال:(أوفي بنذرك)؛ وكذا استُحِبَّ ضربُ الدُّفَّ أيضًا في النكاح؛ لِمَا فيه [من] إعلانٍ وإظهارٍ للطاعة، التي هي موافقةُ الأنبياء والمرسلين، وكذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت:"اُهجُ قريشًا؛ فإنه أشدُّ عليهم من رشقِ النبلِ"؛ فإنه مثلُ ضربِ الدُّفِّ في الموضَعين؛ لأنه يُوجبُ غيظَ أعداء الله تعالى، وهو كعين الطاعة.
* * *
٢٥٧٩ - عن أبي لُبابَةَ: أنَّه قالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ مِن تَوْبَتي أنْ أَهْجُرَ دارَ قَوْمي التي أَصبتُ فيها الذنبَ، وأنْ أنخلِعَ مِن مالي كلَّه صَدَقةً، قال:"يُجْزِئ عنكَ الثُّلُثُ".
قوله:"إن من توبتي أن أهجرَ دارَ قومي التي أصبتُ فيها الذنبَ ... " إلى آخره، (هجَر يهجُر هِجرانًا): إذا ترك، (أصاب): وجد؛ يعني: مِن جملة توبتي أن أتركَ الدارَ التي أذنبتُ فيها، وهي دار قومي، وإنما قال هذا فِرارًا عن موضع غلب عليه الشيطانُ بالذنب فيه، ومِن جملة توبتي أن أتصدَّقَ بجميع مالي شكرًا لقَبولِ توبتي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُجزئ عنكَ الثلثُ"، (يُجزئ): يكفي؛ يعني: تصدُّقُك بثلث مالك يكفيك.
قيل: فيه دليلُ الصُّوفيةِ على إثبات الغَرَامةِ على مَن يُذنب ذنبًا في الطريقة، ثم يستغفر.
قيل: إنَّ أبا لُبابةَ كان من بني قُريظة، وسببُ ذنبه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حاصَرَ يهودَ بني قُريظةَ إحدى وعشرين ليلةً، فسألوا الصلح كما صالَحَ إخوانَهم بني النَّضير؛ على أن يسيروا إلى أَذْرِعات وأريحا من أرض الشام، فأبى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأبَوا وقالوا: أَرسِل إلينا أبا لُبَابةَ مروانَ بن