قوله: خشية أن يطعم معك؛ يعني: قتلُ الولد أكبرُ من سائر الذنوب، وقتلُه من خوف أن يطعم طعامك أيضًا ذنبٌ؛ لأنك لا ترى الرزق من الله تعالى؛ لأنك لو رأيت أن الرازق هو الله يرزق كلَّ واحد، لم تقتل ولدك.
"ثم أي"؛ أي: قال الرجل: ثم أيُّ الذنب أكبر بعد القتل؟ قال رسول الله عليه السلام:"أن تزاني حليلة جارك".
(الحليلة): المرأة، يعني: الزنا ذنبٌ كبيرٌ وخاصةً مع مَن سكن جوارك والتجأ بأمانتك وثبت بينك وبينه حق الجوار، وقد قال رسول الله عليه السلام في حديث آخر:"ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورِّثه" فالزنا بزوجة جاره يكون زنًا، وإبطالُ حق الجوار والخيانةُ معه يكون أقبحَ، وإذا كان الذنب أقبحَ يكون الإثم أعظم.
قوله:"فأنزل الله تصديقها" - الضمير راجع إلى هذه المسألة، أو الأحكام، أو الواقعة وما أشبه ذلك، (التصديق): جعلُ أحدٍ صادقًا، أو جعلُ حديثٍ صادقًا - قولَه تعالى:" {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} ": الواو في (والذين) للعطف على قوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}[الفرقان: ٦٣] ومعنى (لا يدعون): لا يعبدون إلهًا غير الله، وهذه الآية نزلت عند سؤال هذا الرجل رسولَ الله عليه السلام عن هذا الحديث.
وقوله:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} تصديقُ قول رسول الله عليه السلام في جواب الرجل: (أن تدعو لله ندًا)،
قوله:" {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} "، (النفس التي حرم الله): نفس المسلم والذمي والمعاهد، وقوله:(إلا بالحق) يعني: إلا أن يأذن الله في قتله، ومَن أذن الله في قتلهم أربعة: