الاختصار؛ اعتمادًا على أفهام السامعين له والمُخاطَبين به.
* * *
٢٥٩٨ - عن أنس - رضي الله عنه -: أنَّه قال: كَسَرَتْ الرُّبَيعُ، وهي عمَّةُ أنسِ بن مالكٍ، ثَنِيَّةَ جاريةٍ من الأنصارِ فأَتَوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأمَرَ بالقِصاصِ، فقال أنسُ بن النّضر، عمُّ أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه -: لا والله لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُها يا رسولَ الله، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنسُ كتابُ الله القِصاصُ"، فرَضيَ القومُ وقَبلُوا الأَرْشَ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مِن عبادِ الله مَنْ لو أَقسَمَ على الله لأبَرَّهُ".
قوله:"لا، والله لا تُكسر ثنيَّتُها"، (لا): ردٌّ لأمره بالقِصاص على سبيل التعجُّبِ، لا على سبيل الإنكار؛ فإنَّ الكاسِرةَ كانت أشرفَ، (الثنِيَّة) واحدة الثَّنَايا من الأسنان.
قوله:"يا أنسُ! كتابُ الله القِصاصُ"، قال في "شرح السُّنَّة": قيل: أراد به قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} إلى قوله: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}[المائدة: ٤٥]، وهذا على قول مَن يقول: إن شرائعَ الأنبياء - عليهم السلام - لازمةٌ لنا ما لم يَرد النسخُ في شرعنا.
وقيل: هذا إشارة إلى قوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦] وإلى قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥] على قراءة مَن يقرؤه مرفوعًا على طريق الابتداء.
وقيل:(كتاب الله) معناه: فرضَ الله الذي فرضَه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
قوله:"إن مِن عباد الله مَن لو أقسمَ على الله لأَبرَّه"، (برَّ وأبرَّ): إذا صدَّق اليمين؛ أي: لو أقسم على الله بفعل شيء يفعل ذلك الشيء اختراعًا في الحال - ولو كان عظيمًا كفتق جبل - (لأَبرَّه)؛ أي: أحدَث ذلك الشيء وصدَّقه إكرامًا