قوله:"ويسعى بذِمَّتهم أدناهم"، (أدنى): أفعل التفضيل من دَنَا يَدْنَأُ دَنَاءَةً: إذا سَفُلَ في فعْلِهِ ومَجَنَ، ذكره في "الصَّحاح"، و (أدنى) معناه ها هنا: مَن يَقِلُّ اعتباره وقَدره كالعَبيْدِ والنسوان.
يعني: مَن أجارَ واحدًا من الكفار وأمَّنَه، ولو كان المُجير ممن يقلُّ قَدرُه واعتباره، لا يجوزُ لأحد أن يُبطلَ ذمَّتَه ويقتلَه؛ فمَن أبطلَ ذمَّتَه وقتله، لم يجد رائحة الجنة.
قوله:"ويردُّ عليهم أقصاهم"، (أقصى): أفعل التفضيل، من (قصَى المكانُ يَقْصُو قُصُوًّا): إذا بَعُد.
قال في "شرح السُّنَّة": معناه: أن يخرج الجيش، فيُنيخوا بقرب دار العدو، ثم تنفصل منهم سَرية، فيغنموا، يردُّون ما غنمُوه على الجيش الذين [هم] رِدءٌ لهم - أي: عونٌ - ولا يتفرَّدون به، بل يكونون جميعًا شركاء فيه، فأمَّا مَن أقامَ ببلدة ولم يخرج معهم فلا شِركةَ له فيه.
قوله:"وهم يدٌ على مَن سواهم"؛ يعني: المسلمين، لا يسعهم التخاذل، بل يُعاون بعضُهم بعضًا على جميع الأديان والمِلل، ذكره في "الغريبين".
قيل: جعلَهم كاليد الواحدة في التعاون والتناصر على مَن سواهم.
قوله:"لا يُقتَل مسلمٌ بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهده"، قال الخطَّابي: فيه البيان الواضح أنَّ المسلمَ لا يُقتَل بأحد من الكفار، سواءٌ كان المقتولُ منهم ذِمَّيًّا أو مُعاهدًا أو مُستأمَنًا أو ما كان، وذلك أنه نفيٌ في نكرةٍ؛ فاشتمل على جنس الكفار عمومًا.
وقد اختلف الناس في هذا؛ فقال بظاهر الحديث جماعةٌ من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد