وقيل:(اليمين الغموس): أن يحلف الرجل كاذبًا ليذهب بمال أحدٍ يدَّعي عليه صاحبه.
والكفارة واجبةٌ على حالفها عند الشافعي، وفي رواية عن أحمد بن حنبل، ولا كفارة عليه عند أبي حنيفة ومالكٍ، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وسمَّى هذا اليمين غموسًا؛ لأنه يغمس صاحبه في النار، أو في الكفارة، أو في الإثم، ومعنى (يغمس): يُدْخل.
فإن قيل: قوله عليه السلام: "الكبائر: الإشراك" يدل على أن الكبائر منحصرةٌ في هذه الأربعة؛ لأنَّ الألف واللام للاستغراق في هذا الكلام، وجاءت الكبائر أكثر من هذه في الحديث؟
قلت: بيان الكبائر كبيان سائر أحكام الشرع، وبيانُ أحكام الشرع لم تكن مذكورةً في حديثٍ ولا آيةٍ واحدة من القرآن، بل جاءت متفرقةً كي لا يَثقُلَ على الناس حفظُها والعملُ بها، فكذلك الذنوب والمحرَّمات، وقد جاء بيانُها من رسول الله عليه السلام أو من القرآن متعاقبًا متفرِّقًا على حسب السؤال والحاجة.
وأما الألف واللام لا يلزم أن يكون لاستغراق الجنس، وقد جاء لمعانٍ كثيرة.
واختلف في الكبائر في أنه: كم عددها؟
روي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قال: كلُّ ذنبٍ يأتي بعده في جزائه لعنةٌ أو غضب أو عذاب أو نارٌ فهي كبيرةٌ، نحو قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}[النور: ٢٣]، (يرمون)؛ أي: يقذفون المحصنات العفائف الغافلات عمَّا قُذفن به من الزنا، والقذفُ كبيرةٌ؛ لأنه ذكر في جزائه اللعنة، وكذلك كلُّ ذنبٍ يأتي بعده تهديد.
وقيل: الكبائر سبعٌ، وهي المذكورة في الحديث الذي يأتي بعد هذا.