الوتر من السهم، الأفواق جمع؛ يعني: لا يرجعون إلى طاعة الله ورسوله حتى يرجع السهم المرمي إلى فُوقه، عَلَّقَ رجوعهم إلى الدين بأمر مُحال؛ ليفهم أنهم لا يرجعون أبدًا إلى الدين، كما علق الله تعالى دخول الكفار الجنة بشيء مستحيل عقلاً وقال:"ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط".
قوله:"هم شر الخلق والخليقة"، (الخلق والخليقة) واحد إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكرهما معًا للتأكيد، وقيل: أراد بـ (الخليقة) مَنْ خُلِقَ، وبـ (الخلق) من سيُخْلَق.
قوله:"ما سيماهم؟ قال: التحليق"، (السِّيماء): العلامة، (التَّحليق): حلق شعر الرأس.
فإن قيل: التحليق ركن أو واجب في الحج على خلاف فيه، أو سنة العلماء المحققين من المشايخ، فكيف وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الإباحة بذلك؟
قيل: التحليق لا محالة صفةُ مدح لكونه مندوبًا إليه، أو محبوبًا في نفسه، والشيء إذا كان مستحقًا للمدح لا يصير مذمومًا لكونه سمتًا لهم، وقد ذكر استيفاء الشرح في الحديث الثالث من الباب.
* * *
٢٦٦٩ - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ يشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وأنَّ محمدًا رسولُ الله إلا بإحدى ثلاثٍ: زنًا بعدَ إحصانٍ فإنَّه يُرجَمُ، ورجلٌ خرجَ مُحارِبًا للَّهِ ورسولِهِ فإنَّه يُقتَلُ أو يصلَبُ أو يُنفَى من الأرضِ، أو يَقتلُ نفسًا فيُقتَلُ بها".
قوله:"زنًا بعد إحصانٍ فإنه يرجم"، (أحصنت المرأة): عفت، فهي محصنة - بكسر الصاد وفتحها -، ويعتبر في الإحصان ثلاث صفات: التكليف،