قوله:"لا تتراءى ناراهما": قال في "الغريبين": لا يتَّسم المسلم بِسِمَةِ المشرك، ولا يتشبه به في هديه وشكله، ولا يتخلق بأخلاقه، من قولك: ما نارُ نعمك؛ أي: ما سمتها، وقرأت لأبي حمزة في تفسير هذا الحديث يقول: لا يجتمعان في الآخرة لبعد كل واحد منهما عن صاحبه.
قال أبو عبيدة: يحتمل معنيين:
أحدهما: أنه لا يحل للمسلم أن يسكن بلاد المشركين، فيكون مسكنُ كل واحد منهما قريبًا من مسكن الآخر بحيث يرى كل واحد نار صاحبه.
والثاني: أن المراد بها نار الحرب؛ أي: نار الطائفتين مختلفتان، فنار المسلمين تدعو إلى الله تعالى، ونار الكفرة تدعو إلى الشيطان فأنى تتفقان، فكيف يسكن المسلم في ديارهم، فإسناد الرؤية إلى النار مجاز.
قال في "شرح السنة": جعل الرؤية للنار ولا رؤية لها، ومعناه: أن تدنوا هذه من هذه كما يقال: داري ينظر إلى دار فلان، وقيل: معناه: لا يستوي حكماهما يقول: كيف يساكنهم في بلادهم وحكم دينهما مختلف.
قال ابن الأعرابي: النار ها هنا: الرأي، يقول: لا يشاورهم.
* * *
٢٦٧٣ - عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"الإِيمانُ قيَّدَ الفتْكَ، لا يفتِكُ مؤمنٌ".
قوله:"الإيمانُ قيدُ الفَتْكِ لا يفتِكُ مؤمنٌ"، (الفتْكُ): قتلُ أحدٍ بغتةً، (قَيَّدَ): شدَّ ومنعَ؛ يعني: الإيمان يمنع صاحبه من قتل أحد بغتة، حتى يسأل عن إيمانه، كما يمنع المقيد قيده، فإذا كان كافرًا ينبغي أن يُدعى إلى الإسلام، فإن أبى يقتل.