أي: اتركوا الطيور على حالها في موضعها؛ أي: لا تنفِّروها، وإنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث؛ لأن العرب كانوا إذا سافر واحد منهم ينفِّر في طريقه طائرًا عن موضعه، فإن طار من جانب يساره إلى يمينه سمَّاه سانحًا وتفاءل به = يَمَّنَ السفر؛ لأنه إذا طار من جانب يساره إلى يمينه يكون يمين ذلك الطائر إليه فيعدُّه مَيمونًا، وإن طار من جانب يمينه إلى يساره سَمَّاه بارحًا وتشاءم به؛ لأنه إذا طار من جانب يمينه يكون يسار ذلك الطائر إليه فيعدُّه مشئومًا، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك الفعل.
قوله:"عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة"، يجوز عن الغلام شاتان ويجوز شاة، وعن الجارية شاة، كلاهما قد جاء في الحديث، وصفةُ شاةِ العقيقة كشاة الأضحية، وما لا يجوز في الأضحية لا يجوز في العقيقة.
وقال ربيعة ومحمد بن إبراهيم التيمي: تجوز العقيقة ولو بعُصْفور، ولا يضرُّكم ذكرانًا كنَّ أو إناثًا؛ يعني: شاة العقيقة جاز أن تكون ذكرًا أو أنثى.
* * *
٣١٨٣ - وعن الحَسَنِ، عن سَمُرةَ: أنَّه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الغُلامُ مُرْتَهَنٌ بعقيقتِهِ يُذبَحُ عنهُ يومَ السابعِ ويُسمَّى ويُحْلَقُ رأْسُه"، ورَوى بعضُهم:"ويُدَمَّى" مكانَ "ويُسمَّى".
قوله:"الغلام مرتهن بعقيقته"، (مرتهن) - بفتح الهاء - يعني: مرهون؛ أي: المولود معلَّق ومَحْبوس بعقيقته؛ أي: تحصل سلامته من الآفة إذا ذُبح له عقيقة، وقيل: معلَّق شفاعته لأبويه بعقيقته؛ أي: إن لم يذبحا عقيقته - مع القدرة - لا يشفع لهما يومَ القيامة لأنَّهما لم يقضيا حقَّه.
قوله:"ويُدَمَّى"؛ أي: يُلَطَّخ موضعٌ من الصبي بدم العقيقة، وكان قَتادةُ يقول: يؤخذ قطعة صوف ويوضع على أوداج العقيقة إذا ذُبحت لينصبَّ الدمُ عليها،