قوله:"فأما لمة الشيطان فإيعادٌ بالشر وتكذيب بالحق"، (فإيعاد) في كلا الموضعين بهمزةٍ مكسورة بعدها ياءٌ منقوطةٌ تحتها بنقطتين، وهو مصدرُ (أوعد): إذا وَعَدَ أحدًا وَعْدَ شرٍّ، ووَعَد وَعْدًا وعِدَةً: إذا وَعَد وَعْدَ خيرٍ.
وفي أصل اللغة: الوعد يستعمل في الخير والشر، إلا أن المستعمل في الوعد في الخير، وفي الإيعاد في الشر، والوعيد أيضًا يستعمل في وَعْد الشر.
يعني: نزولُ الشيطان في القلب لا يكون إلا ليأمر الرجلَ بالشر، مثل الكفر واعتقاد السوء والفسق، وليامر الرجلَ أن يكذَّب ما هو حقٌّ، ككتب الله تعالى ورسله عليهم السلام، وأحوالِ القبر والحشر، وأحوال القيامة.
"وأما لمة الملك": تكون على عكس ذلك؛ لأن الملك يأمر الرجل بما هو خيرٌ كفعل الصلاة والصوم وأداء الزكاة والصدقات، وغيرِ ذلك من الخيرات، ويأمره بأن يصدق كتب الله ورسله وأحوال القبر والقيامة.
قوله:"فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله تعالى"؛ يعني: فمَن وجد في نفسه لمةَ الملك، فليعلم أن ذلك فضلٌ من الله عليه، فليحمد الله تعالى على هذه النعمة، فإن لله عليه رحمةً وفضلًا، وإرادة الخير بأن أرسل عليه ملكًا يأمره بالخير ويهديه إلى الحق.
قوله:"ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله تعالى"؛ يعني: فمَن وجد في نفسه لمَّةَ الشيطان، فليتعوذ من وسوسة الشيطان، وليخالفه فيما يأمره من فعل السوء.
قوله:"ثم قرأ"؛ أي: قرأ رسول الله عليه السلام هذه الآية استشهادًا لِمَا قال: " {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} "؛ يعني: الشيطانُ يقول لكم: لا تنفقوا أموالكم في الزكاة والصدقات، فإنكم تصيرون فقراء، " {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} "؛ أي: بالبخل وسائر المعاصي " {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} "؛ يعني: والله