يتَساءَلون حتَّى يُقال: هذا خَلَقَ الله الخلْقَ، فمَنْ خَلَقَ الله؟ فإذا قالوا ذلك فقولوا: {اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، ثمَّ ليَتفُلَ عنْ يسارِهِ ثلاثًا، وليستَعِذْ بالله من الشَّيطان".
قوله: "فقولوا: {اللَّهُ أَحَدٌ}"؛ يعني: قولوا عند هذه الوسوسةِ: الله تعالى ليس مخلوقًا بل هو أحدٌ، و (الأحد) هو الذي لا ثاني له ولا مِثْلَ له في الذات والصفة، والله تعالى لا ثاني له ولا مثلَ له لا في الذات ولا في الصفات.
وسبب نزول هذه السورة في قول قتادة ومقاتلٍ والضحاك أن أناسًا من اليهود جاؤوا إلى رسول الله عليه السلام فقالوا: صِفْ لنا ربك فأخبرنا من أي شيء هو، ومن أي جنس: أمِن ذهبٍ هو أم من نحاسٍ أم من فضة؟ وما يأكل وما يشرب؟ فأنزل الله هذه السورة؛ يعني: قل لهم يا محمد: الله تعالى ليس بجوهرٍ ولا جسمٍ ولا عَرَضٍ، ليس له مكانٌ، ولا حاجةَ له، إلى شيءٍ ولا إلى أحدٍ، بل يحتاج إليه المخلوقاتُ، ولم يلد أحدًا ولم يولد من أحدٍ، ولم يكن له مثلٌ وشبهٌ.
قوله عليه السلام: "ثم ليتفل عن يساره ثلاثًا"، (التفل): إسقاطُ البزاق من الفم، يعني: ليُلْقِ البزاق من فمه ثلاثَ مرات، وإلقاءُ البزاق عبارةٌ عن كراهية الرجل الشيء وتقذُّرُه ونفورُ طبعه عنه، كمن وجد جيفةً منتنةً كره ريحها وتفل من نتنها، يعني: ليتفل هذا الرجلُ ثلاثَ مراتٍ ليعلم الشيطانُ أنه كره هذه الوسوسة، ووجده قبيحًا؛ ليفرَّ الشيطان منه، ويعلمَ أنه ليس بمطيعٍ له.
"وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم"؛ أي: ليطلب المعاونة من الله الكريم على دفع الشيطان الرجيم.