للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوقار، فقال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: يا ربِّ! زِدْني وقارًا؛ فالرضا بالشيب موافقةٌ لخليل الرحمن - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه وقارٌ، والوقارُ مَرْضيٌّ عند الله وعند الناس، ولأنه يمنع الشخصَ عن الغرور والتكبُّر والطرب والنشاط، ويميل إلى الطاعة والتوبة، وتنكسر نفسُه عن الشهوات، وكل ذلك مُوجِبٌ للثواب، ومُقرِّبٌ للعبد عند الله، فلهذا يكون الشيبُ في الإسلام نورًا؛ أي: ضياءً ومُخلِّصًا للرجل عن شدة القيامة.

* * *

٣٤٥٠ - وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كنتُ أَغتسِلُ أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن إناءٍ واحدٍ، وكانَ لهُ شعرٌ فوقَ الجُمَّةِ ودونَ الوَفْرةِ.

قولها: "فوق الجُمَّة ودونَ الوَفْرَة"، (الجُمَّة): الشَّعر الذي يكون أطولَ من الوَفْر؛ أي: قَرُبَ من الكتف، و (الوَفرة): إلى شحمة الأذن، وكان شَعرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّ زمانٍ على نوعٍ من الطول والقصر؛ وذلك لأنه كان قصَّر شَعرَه في العمرة، وحلقَه في الحج، وكان شَعرُه في هذا الحديث أطولَ من الوَفْرَة وأقصرَ من الجُمَّة.

* * *

٣٤٥١ - وقال ابن الحَنْظَلِيَّةِ - رجلٌ مِن أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نِعْمَ الرَّجلُ خُزَيْم الأَسْديُّ لَوْلَا طولُ جُمَّتِه واسبالُ إزارِه"، فبلغَ ذلكَ خُرَيْمًا فأخذَ شَفْرَةً فقطعَ بها جُمَّتَه إلى أُذُنَيْهِ، ورفعَ إزاره إلى أنصافِ ساقَيْهِ.

قوله: "طول جُمَّته"؛ أي: طول شَعر رأسه، وطولُ شَعر الرأس غيرُ مذمومٍ، ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في ذلك الرجل تبخترًا بطول جُمَّته، فذكر هذا الحديثَ؛ ليحرِّضَه على تقصير شَعره.

<<  <  ج: ص:  >  >>