الثانية: أن لومَ موسى آدمَ - عليه السلام - كان بعد زوال التكليف، وذلك أن هذه المحاجَّةَ كانت في السماء بعد أن خَرجتْ روحُ كلِّ واحدٍ منهما من جسده في الأرض ثم صعد السماءَ، وفي هذه الحالة لم يبقَ تكليفٌ على أحدٍ حتى يُلامَ أحدٌ.
الثالثة: أنه ليس لموسى لومُ آدمَ عليهما السلام؛ لأنه لم يكن مأمورًا بلَومِ آدمَ - عليه السلام - مِن قِبَلِ الله تعالى، وهذا الحديث يتعلق بالقَدَر، ويأتي بحث مسألة القدر بعد هذا.
* * *
٦١ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجمعُ في بطنِ أُمِّهِ أربعينَ يومًا نطفةً، ثمَّ يكونُ علَقةً مثلَ ذلك، ثمَّ يكونُ مُضْغةً مثْلَ ذلك، ثمَّ يَبعثُ الله إليهِ ملَكًا بأربعِ كلماتٍ، فيكتُبُ عملَهُ، وأجلَهُ، ورزْقَهُ، وشَقيٌّ أو سعيد، ثم يُنفخُ فيهِ الرُّوحُ، وإنَّ الرجلُ ليعملُ بعملِ أهلِ النارِ حتى ما يكونُ بينهُ وبينها إلَّا ذراعٌ، فيسبِقُ عليه الكتابُ، فيعمَلُ بعملِ أهلِ الجنَّة، فيدخل الجنة، وإنَّ الرجلَ ليعمَلُ بعمَلِ أهلِ الجنَّةِ حتى ما يكونُ بينهُ وبينها إلَاّ ذراعٌ، فيسبِقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهل النَّارِ، فيدخُلُ النارَ"، رواه ابن مَسْعودٍ - رضي الله عنه -.
قوله:"إن خلقَ أحدِكم"؛ أي: إن صورةَ أحدِكم، أو جسمَ أحدِكم "يُجمَع في بطن أمِّه أربعين يومًا نُطفةً"، (النُّطفة): المَنِي، قال عبد الله بن مسعود: إن النُّطفةَ إذا وقعت في الرَّحِم، فأراد الله أن يخلق منها بشرًا طارتْ في بشرة المرأة تحت كل ظفرة وشعرة، ثم يمكث أربعين ليلةً، ثم ينزل دمًا في الرَّحِم، فذلك جمعُها.
قوله:"ثم يكون علقةً مثل ذلك"، (العَلَقة): الدم الغليظ الجامد؛ يعني: ثم يكون خَلْقُ أحدِكم بعد النطفة عَلَقةً أربعين يومًا، ولفظة (ذلك) إشارة إلى