والفائدة الثالثة: إظهارُ قدرتهِ على البعث؛ لأن مَن قَدَرَ على خلق الإنسان من ماءٍ، ونفخَ الروحَ فيه؛ يَقدِرُ على خلقهِ بعد صيرورته في القبر ترابًا، ونفخِ الروحِ فيه، وحشرِه في القيامة للحساب والجزاء.
قوله:"فإن الرجلَ لَيعملُ بعمل أهل النار حتى ما يكونَ بينه وبينها إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتابُ، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخل الجنةَ"، و (ما) في قوله: (حتى ما يكون) للنفي، ويكون نصبًا بـ (حتى)، ولا يمنع (حتى) من العمل؛ يعني: قدَّر الله تعالى في الأزل ما يكون، ثم أَمر بأن يُكتب في اللوح ذلك، ثم أَمر المَلَك ليكتب في جبهة كل واحد ما قَدَّرَ له، وإذا كان كذلك لا يكون عاقبةُ الرجل ولا أجلُه إلا على ما قُدِّرَ له في الأزل، فإذا قُدَّرَ في الأزل لأحدٍ أنه من أهل الجنة تكون عاقبتُه الجنةَ، وإن كان مشغولًا بعمل أهل النار في مدة من عمره، بل يقلبه الله تعالى من أعمال أهل النار إلى أعمال أهل الجنة حتى يموتَ على عمل أهل الجنة؛ فيدخل الجنةَ.
قوله:"حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع": هذا مَثَلٌ لمقاربته دخولَ النار من كثرة المعاصي والكفر، وكذلك إذا قُدِّرَ لأحدٍ أن يكونَ من أهل النار تكون عاقبتهُ وموتهُ على عمل أهل النار؛ فيدخل النارَ، وإن كان مشغولًا بعمل أهل الجنة في مدة من عمره.