للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "ما أُبالي إنْ أنا شربتُ ترياقًا، أو تعلَّقتُ تميمةً، أو قلتُ الشِّعرَ مِن قِبَلِ نفسي": ذُكر شرح (التميمة) قُبيلَ هذا، وكان إنشاءُ الشِّعر حرامًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني: كما أن إنشاءَ الشِّعر حرامٌ عليَّ، فكذلك شربُ التِّرياق وتعليقُ التمائم حَرَامانِ عليَّ؛ هذا في حقَّه، وأما في حقِّ الأُمة: التمائمُ حرامٌ، وإنشاءُ الشِّعر غيرُ حرامٍ عليهم إذا لم يكن فيه كذبٌ أو هجوُ مسلمٍ وغيرهما من المعاصي، وأما الترياق فيُجوِّز بعضُ العلماء شربَه للمداواة، ومنعَه بعضُهم؛ لأنها نجسٌ, لأن التِّرياقَ إن اتُّخذ من الحية أو من العقرب أو غيرهما مما لا يحلُّ لحمُه حرامٌ، وإن اتُّخذ من شيءٍ طاهرٍ فلا بأسَ بشربه.

* * *

٣٥٢٩ - عن المغيرةِ بن شُعبةَ قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن اكتوَى أو استرقَى فقد بَرِئَ مِن التَّوَكُّلِ".

ويُروَى: "مَن تَعلَّقَ شيئًا وُكِلَ إليه".

قوله: "مَنِ اكتَوى أو استَرقَى فقد بَرِئ من التوكُّل".

(اكتَوى) بمعنى: كَوَى.

و (استَرْقَى)؛ أي: طلبَ أن يُقرَأ عليه الرُّقية؛ يعني: الكَيُّ والرُّقيةُ جائزانِ لمَن لم يكن من أهل التوكُّل، وأما مَن كان من أهل التوكُّل لو فعل شيئًا من المداواة بطلَ توكُّلُه؛ لأن التوكُّلَ عبارةٌ عن تفويض الرجل أمورَه مما ينزل عليه من البلاء والأمراض والفقر وغيرها إلى الله، لا يشتغل هو بدفعها، بل فوَّض دفعَها إلى الله تعالى، ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - داوَى وأمرَ بالمداواة؛ ليكون فعلُه رخصةً للضعفاء، مع أنه قدوةُ الأنبياء والأولياء، وتوكُّلُ جميعِ أهل التوكُّل بالنسبة إلى توكُّله عليه كإِبرةٍ تدخل في البحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>