مِن كُرُباتِ الآخِرَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَه الله يَوْمَ القِيامَةِ".
قوله: "ولا يُسْلِمُه"، بضم الياء وسكون السين؛ أي: ولا يَخْذُله عن النُّصْرة، ولا يَتركُه في أيدي الأعداء، بل يُخلِّصُه من أيديهم، والنفيُ هنا بمعنى النهي.
روى هذا الحديثَ سالمُ بن عبد الله بن عمرَ، عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
٣٨٥٦ - وقال: "المُسْلِمُ أخو المُسْلِم، لا يَظلِمُه، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُه، التَّقْوَى ههنا"، ويُشيرُ إلى صَدْرِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ، "بِحَسبِ امرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يحقِرَ أخاهُ المُسْلِمِ، كلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ، دمُه، ومالُه، وعِرْضُه".
قوله: "التَّقْوى ها هنا، ويشيرُ إلى صدره"؛ يعني: لا يجوزُ تحقيرُ المُتَّقِي من الشِّرْك والمعاصي، والتقوى محلُّها القلبُ، وما كان محلُّه القلبَ يكونُ مخفيًا عن أعينِ الناس، وإذا كان مخفيًا، فلا يجوزُ لأحدٍ أن يحكمَ بعدم تقوى مسلمٍ حتى يحتقره، بل لا يجوزُ تحقيرُ مسلم.
ويحتمل أن يكون معناه: محلُّ التقوى هو القلب، فمن كان في قلبه التقوى فلا يحقِرْ مسلمًا؛ لأن المُتَّقِيَ لا يَحْقِرُ المُسْلِمَ.
"بحسْبِ امرئٍ"، الباء زائدة؛ يعني: حَسْبُ امرئ؛ أي: كفى للمؤمن من الشرِّ تحقيرُ المسلمين؛ يعني: إن لم يكن له مِن الشرَّ سوى تحقيرِ المسلمين يكفيه في دخوله النارَ.