للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: "وفي يده كتابانِ": الواو للحال؛ أي: في حالِ أنْ أخذَ كتابًا في يده اليمنى وكتابًا في يده اليسرى، وإنما أَخذَ كتابَين في يديه لضربِ المَثَل وتفهيمِ الحاضرين كلامَه وتقريرَه.

قوله: "هذا كتابٌ من ربِّ العالمين"؛ يعني: افرِضُوا وقدِّرُوا أن هذا الكتابَ كتابٌ مُنزلٌ من ربِّ العالمين، وليس مرادهُ أن ذلك الكتابَ مُنزلٌ من ربَّ العالمين على الحقيقة؛ لأنه لو كان من ربِّ العالمين على الحقيقة لم يَنبِذْه، وقد ذَكر بعد هذا أنه عليه السلام نبذَهما، بل كان أَخذَ قطعةً من قرطاسٍ بيده اليمنى وقطعةً بيده اليسرى؛ ليراهما المُخاطَبون؛ ليكونَ ذلك أقربَ إلى التفهيم، ويحتمل ألا يكون بيد رسول الله عليه السلام كتابٌ ظاهرٌ بحيث يراه الحاضرون، قال هذا لضرب المَثَل؛ يعني: قدِّرُوا أن في يده اليمنى كتابًا فيه أسماءُ أهلِ الجنة، وفي يده اليسرى كتابًا فيه أسماءُ أهلِ النار، ومِثْلُ هذا المجازِ كثيرٌ بين الناس.

قوله: "ثم أُجمل على آخرهم"، (الإجمال): خلاف التفصيل، وهو جعلُ الحسابِ مُجمَلاً بعد أن كان مُفصَّلًا، مثل أن يكتب المُحاسِب: حصل من المزرعة الفلانية كذا جريب، ومن المزرعة الثانية كذا، إلى أن يعدَّ جميعَ مزارع القرية التي يُحاسب دخلَها، ثم يكتب في آخر ذلك الحساب: والجملة كذا، والمراد ها هنا: أنه كُتِبَ في ذلك الكتاب أن زيدَ بن عمرٍو الذي هو من قبيلة فلان أو من القرية الفلانية أو المعروفَ بفلانٍ من أهل الجنة، وكذلك اسمُ كلِّ واحدٍ على هذه الصفة مكتوبٌ فيه، حتى يكون جميعُ أسماءِ أهلِ الجنة مكتوبًا بهذه الصفة، ثم كُتِبَ في آخر ذلك الكتاب أن جميعَ المذكورين في هذا الكتاب من أهل الجنة.

وقوله: جميع هؤلاء المذكورين في هذا الكتاب من أهل الجنة، هو الإجمالُ، فإذا كُتِبَ وقُدِّرَ مَن هو من أهل الجنة فلا شك أن لا يزيدَ ولا ينقصَ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>