دَخَنٍ". قلتُ: ثمَّ ماذا؟ قال: "ثمَّ تَنْشَأُ دُعاةُ الضَّلالِ، فإنْ كانَ لله في الأَرْضِ خَليفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ وأَخَذَ مالَكَ فأَطِعْهُ، وإلا فَمُتْ وأنتَ عاضٌّ على جِذْلِ شَجَرةٍ". قلتُ: ثمَّ ماذا؟ قال: "ثمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بعدَ ذلكَ، معَهُ نَهْرٌ ونارٌ، فمَنْ وَقَعَ في نارِهِ وجَبَ أَجْرُهُ وحُطَّ وِزْرُهُ، ومَنْ وقعَ في نَهْرِهِ وجَبَ وِزْرُهُ وحُطَّ أجرُهُ". قالَ: قلتُ: ثمَّ ماذا؟ قال: "ثمَّ يُنْتَجُ المُهْرُ فلا يُركَبُ حتَّى تَقُومَ السَّاعةُ".
وفي رِوايةٍ: "هُدْنَةٌ على دَخَنٍ، وجَماعةٌ على أقذاءَ". قلتُ: يا رسولَ الله! الهُدْنَةُ عَلَى الدَّخَنِ ما هيَ؟ قال: "لا تَرْجعُ قلوبُ أقوامٍ على الذي كانتْ عليهِ". قلتُ: بعدَ هذا الخَيْرِ شرٌّ؟ قال: "فِتْنَةٌ عَمْياءُ صَمَّاءُ، عليها دُعاةٌ على أبوابِ النَّارِ، فإنْ مِتَّ يا حُذَيفَةُ وأنتَ عاضٌّ على جِذْلٍ خيرٌ لكَ منْ أنْ تَتَّبعَ أَحَدًا منهُمْ".
قوله: "أيكون بعد هذا الخير شر": هذا الحديث معناه مثل الحديث الرابع من (كتاب الفتن)، وقد ذكرناه.
قوله: "فما العِصْمَةُ؟ "؛ يعني: فما طريق النجاة من ذلك الشر؟
قال - صلى الله عليه وسلم -:
"السَّيفُ"؛ يعني: طريقُ النجاة أن تضربَهم بسيفِكَ.
قال قتادة: المراد بهذه الطائفة: هم الذين ارتدوا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمن خلافة أبي بكرٍ الصديق.
"وهل بعد السَّيف بقية؟ "؛ يعني: إذا ضربناهم بالسيف فهل يبقى الإسلام بعد محاربتنا إياهم، وهل يصلح أهل ذلك الزمان بعد ذلك؟
فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم تكونُ إمارةٌ على أَقْذاءَ، وهُدْنَةٌ على دَخَنٍ"، (الأَقْذَاء): جمع القَذَى، و (القَذَى): جمع القَذَاة، وهي ما يقع في العين من التِّبن والتراب،