للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرابع: "المُستحِلُّ لحَرَمِ الله تعالى" بفتح الحاء والراء، والمراد بـ (حَرَم الله تعالى): حَرَم مكة؛ يعني: مَن فعلَ في حَرَم مكة ما لا يجوز فعلُه؛ فإن اعتقدَ تحليلَه فهو كافرٌ، وإن اعتقد تحريمَه فليس بكافرٍ، ولكن ذنبَه يكون أعظمَ من ذنبه في غير الحَرَم؛ لأن الموضعَ إذا كان أكثرَ شرفًا وتعظيمًا يكون الذنبُ فيه أعظمَ، والأشياءُ التي تختص بحَرَم مكة: تحريم الاصطياد، وقطع الشجر، وتحريم دخولها إلا بالإحرام، ولو قَتَلَ فيه مسلمًا أُغلظ عليه الديةُ، ولو وَجدَ فيه لقطةً لم يملكها بعد التعريف، ولا يدخله مُشرِك، ولا يجب دمُ التمتُّع على مَن كان دارُه في الحَرَم، أو كان مَن دارُه إلى مكة دونَ مسافة القصر، ولا يجوز نحرُ الهَدْي إلا فيه، ولو نذر المشيَ إليه لزمَه، ولا يتحلل من الإحرام إلا فيه؛ إلا أن يكون مُحصرًا.

الخامس: "المُستحِلُّ من عِتْرَتِي ما حرَّم الله تعالى"، (العِتْرة) بكسر العين: القرابة القريبة؛ يعني: مَن فَعَلَ بأقاربِ رسول الله - عليه السلام - ما لا يجوز فعلهُ، من إيذائهم وترك تعظيمهم.

فإن قيل: مَن استحلَّ ما حرَّم الله تعالى فهو كافرٌ، ومَن فعل مُحرَّمًا - وهو يعلم تحريمَه - فهو مذنبٌ، سواءٌ في حَرَمِ الله وعِتْرَةِ رسول الله - عليه السلام - وغير حَرَم الله تعالى وعِتْرَةِ رسولِ الله، فأيُّ فائدةٍ في تخصيص حَرَم الله وعِتْرَة رسوله؟

قلنا: حَرَمُ الله تعالى صار مُشرَّفًا مُعظَّمًا بإضافته إلى الله تعالى، وعِتْرَةُ رسولِ الله عليه السلام صار مُشرَّفًا مُعظَّمًا لإضافته إلى رسول الله، ولم يكن لعيرهما هذا الشرفُ، ولأجل هذا أكَّد حقَّهما وعظَّم قَدْرَهما؛ بأن لَعَنَ مَن هتكَ حرمتَهما، ونقصَ حقَّهما، وترك تعظيمَهما.

السادس: "التارك لسُنَّتي"؛ يعني: مَن ترك شيئًا مما بيَّنتُه من أحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>