ويحتمل أن يقال: المراد به: عظم أهوال يوم القيامة، لا حقيقة التصيُّر، كما تقول: هذا أمر يشيبُ فيه الوليدُ: إذا كان عظيمًا هائلًا.
يعني: لو أن وليدًا شابَ من واقعةٍ عظيمة؛ لشابوا في ذلك اليوم، كما قال تعالى في موضع آخر:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا}[الحشر: ٢١]، فكم تقرأ القرآن على جبل ولا يخشع ولا ينشق، معناه: لو كان الجبل يخشع، ويكون له روح، وينشق من هول واقعة؛ لانشق إذا تُلِي عليه القرآن.
قوله:"وذاك {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ": قال الخطابي: هذا ممَّا نهيت القول فيه شيوخنا، وأجْرَوه على ظاهر لفظه، ولم يكشفوا عن باطن معناه على نحو مذهبهم في التوقُّفِ عن تفسير كلِّ ما لا يحيطُ العلمُ بكنهه من هذا الباب.
أما من تأوله فقال: ذلك اليوم يكشف عن شدة عظيمة وأمر فظيع.
قال الإمام أبو الفتوح العجلي - رحمه الله - في "تفسيره": قيل: معناه: عن أمر شديد فظيع، وهو إقبالُ الآخرة وظهورُها، وذهابُ الدنيا.
ويُقال للأمر إذا اشتد وتفاقم، فظهر، وزال خفاؤه: كشف عن ساقه، وهذا جائزٌ في اللغة وإن لم يكن للأمر ساقٌ، وهو كما يقال: أسفرَ وجهُ الأمر، واستقام صدرُ الرأي.
قال الشاعر يصفُ حربًا:
كَشَفَتْ لهم عن سَاقِها ... وبدا من الشرِّ الصُّراحُ
وقيل: معناه: أن يرفع الستر من الدنيا والآخرة، وقيل:[هو] المراد بقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}[الطارق: ٩].
وقيل: عن ساق؛ أي: عن ساق العرش، وقيل: عن نور عظيم.
قال ابن قتيبة: تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى