العقلَ لا يتكلم في مثل هذا، بل ربما يجاوز فلا يصدق كقول الفلسفي والمعطَّل.
قوله:"وأول من يُكسَى يوم القيامة إبراهيمُ" عليه الصلاة والسلام.
إن قيل: إن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أفضل الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم، فكيف يكون إبراهيم مقدمًا عليه بهذه الفضيلة؟
قيل: يحتمل أن الحديثَ مخصوصٌ بالنبي صلوات الله عليه، والتخصيصُ من فصاحةِ كلام العرب.
ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم -[كان] مُشرَّفًا باللباس، فحينئذ الحديثُ لا يحتاج إلى التأويل.
ويحتمل أن يقال: إن تقدمه في اللباس لا لأجل الفضيلة على نبينا، بل إنما يُكسى أولًا؛ لكونه أباه، وتقدمه في اللباس لعزة الأبوة، لا للفضيلة، بل إنما شرف به وبغيره؛ لكونه أباه، والله أعلم.
قال في "شرح السنة": إنما صغَّر؛ ليدلَّ على قلة عددهم.
إن قيل:(أصحاب) جمع قلة، والقليلُ لا يُقلَّل، إنما يقلل الكثير.
قيل: ما من قليل الأقل منه يمكن، فلهذا جاء قليلان.
ويمكن أن يقال: إنما حقَّرهم؛ لاحتقارِ أوصافهم، إذا كانوا أصحابَ سوء حين أساءوا العملَ بعدما وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء، وضيَّعوا صحبته، استحقوا النار، لا للكفر والارتداد، بل للمعاصي، وسياق الحديث دليلٌ عليه، وهو قوله:"لن يزالوا مرتدين على أعقابهم".