من الجنة لو كنتَ مسلمًا، فلما كنتَ كافرًا أبدلَك الله تعالى مَنزلَك من الجنة إلى منزلك من النار، فيراهما جميعًا؛ لتزدادَ حسرتُهُ وغَمُّه على فَوت الجنة منه وحصولِ النار له.
قوله:"فيقول: لا أدري"؛ يعني: لا أدري على الحقيقة أنه نبي أم لا، كنتُ أقولُ في الدنيا كما يقولُ الناسُ، هذا قولُ المنافق؛ لأن المنافقَ يقول في الدنيا: محمد رسول الله؛ دفعًا للسيف عنه لا عن الاعتقاد، فيقول هذا اللفظ في القبر، وأما الكافر لا يقول في القبر شيئًا في حق النبي عليه السلام؛ لأنه لم يقل في الدنيا: محمد رسول الله، ويحتمل أن يقول الكافر أيضًا؛ دفعًا للعذاب عن نفسه في القبر: كنتُ أقولُ في الدنيا كما يقول الناس، والمراد بـ (الناس) ها هنا: المؤمنون.
قوله:"فيقال: لا دَريتَ ولا تَليتَ"، (لا دريت)؛ أي: لا علمتَ ما هو الحق، والصواب:(ولا تليت) أصله: ولا تلوت، من تَلَا يَتلُو: إذا قرأ، فقُلبت الواو ياءً للازدواج، (دريت)؛ يعني: لا تقدر أن تقرأ وتقول ما هو الحق والصواب في القبر؛ لأنك لستَ اتبعتَ الحقَّ في الدنيا، ومَن لم يتبع الحقَّ في الدنيا لم يَجْرِ لسانُه بالحق والصواب، وقد قيل في (ولا تليت): إنه تصحيف، وقيل: مكان هذا ألفاظ أُخَر، وأعرضنا عن ذكرها لأن في أكثر الروايات وفي جميع نسخ "المصابيح": و (لا تليت)، فاختصرنا بهذا.
(المِطْرَقة): الشيء الذي يُضرَب به الحديد، الطَّرق: الضرب، والمِطْرَقة: آلة الضرب.
"فيصيح"؛ أي: يُصوِّت ويرفع صوته بالبكاء من تلك الضربة.
"يسمعها"؛ أي: يسمع تلك الصيحةَ والبكاءَ "مَن يليه"؛ أي: مَن يَقرَبُه من الحيوانات "غيرَ الثقلَينِ"؛ أي: غيرَ الجن والإنس فإنهم لا يسمعون صوتَه؛ لأنهم