أحدٌ من خلقه حتى يأذنَ لهم في دخول جنَّة عَدن، فيرَونه فيها.
و (جنة عَدن)؛ أي: جنةُ إقامةٍ، يقال: عَدَنَ بالمكان يَعْدِن عُدونًا؛ أي: أقام، ذكره في "شرح السُّنَّة".
* * *
٤٣٥٣ - وقالَ:"إنَّ في الجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، ما بينَ كُلَّ دَرَجتَيْنِ كما بينَ السَّماءِ والأَرْضِ، والفِرْدَوْسُ أَعْلاها دَرَجَةً، منها تُفجَّرُ أَنْهارُ الجَنَّةِ الأَرْبعةُ، ومنْ فَوْقِها يكُونُ العَرْشُ، فإذا سَأَلتُمُ الله فاسأَلوهُ الفِردَوْسَ".
قوله:"في الجنة مئة درجةٍ، ما بين درجتَين كما بين السماء والأرض": العلم بتخصيص هذا العدد وغيره من المبهمات للنبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه يمكن أن يقال: يريد بـ (المئة): الكثرة، ولا يريد به نفس المئة، بل إنما ذكر المئة؛ لتفهيمنا أن درجاتِ الجنة متناهيةٌ؛ لأنها مخلوقةٌ حادثةٌ، لكنها باقيةٌ لا تنقطع، وتفاوُتُ الدرجاتِ إن رجع إلى الصورة يريد أن أحدَها أرفعُ من الآخر كطبقات السماء، وإن رجع إلى المعنى فيكون التفاوُتُ في القربة إلى الله تعالى وإيراد الإنعام منه عليه ورودًا متفاوتًا؛ فالزائدُ هو الرفيعُ، وما دونَه هو المُنحطُّ عنه.
* * *
٤٣٥٥ - وقالَ: "إنَّ أوَّلَ زُمرةٍ يَدْخُلونَ الجَنَّةَ على صُورَةِ القَمَرِ ليلةَ البَدْرِ، ثُمَّ الذينَ يَلونَهُمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ في السَّماءِ إضاءَةً، قُلوبُهُمْ على قَلْبِ رَجُلٍ، لا اخْتِلافَ بينَهم ولا تَبَاغُضَ، لكُلِّ امرئٍ منهُمْ زَوْجَتانِ مِنَ الحُورِ العِيْنِ يُرَى مُخُّ سُوقِهنَّ مِنْ وَراءَ العَظْم واللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، يُسبحُونَ الله بُكْرَةً وعَشِيًّا، لا يَسْقَمُونَ، ولا يَبُولُونَ، ولا يتغوَّطُونَ، ولا يَتْفِلُونَ، ولا يَمْتَخِطُونَ، آنيتُهُمُ الذَّهَبُ والفِضَّةُ، وأَمْشاطُهُمُ الذَّهبُ ووَقُودُ مجامِرِهِمْ الألُوَّةُ ورَشْحُهُمُ المِسْكُ،