للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٥ - عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أنْ لا تَدافَنُوا لَدَعَوْتُ الله أنْ يُسمِعَكُمْ مِنْ عذابِ القَبْرِ"، ثم قال: "تَعَوَّذوا بالله مِنْ عذابِ النّار"، فقالوا: نعوذُ بالله مِنْ عذابِ النَّار، ثم قال: "تَعوَّذُوا بالله مِنْ عذابِ القبرِ"، قالوا: نعوذُ بالله مِنْ عذابِ القَبْرِ، قال: "تعوَّذُوا بالله مِنْ الفِتَنِ ما ظهرَ منها وما بطَنَ"، قالوا: نعوذُ بالله مِنَ الفِتَنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ، قال: "تعوَّذُوا بالله مِنْ فتْنَةِ الدَّجَّالِ"، قالوا: نعوذُ بالله مِنْ فتنَةِ الدَّجالِ.

قوله: "لولا أن لا تَدَافَنُوا" أصله: أن لا تتَدَافَنُوا، فحُذفت التاءُ الأولى التي هي حرفُ المضارعة لثقلِ اجتماعِ التاءَين، والتدافُن: أن يدفنَ بعضُ القوم بعضًا.

قوله: "لَدعوتُ الله أن يسمعَكم من عذاب القبر"، (يُسمعكم) بضم الياء وكسر الميم: مضارع معروف؛ من أسمع: إذا حَمَلَ أحدًا على السماع، وأوصل كلامًا في سمع أحد؛ يعني: إن دعوتُ الله أن يُوصلَ إلى آذانكم أصواتَ المعذَّبين في القبر لَخفتُم من أن يصيبَكم من العذاب ما أصاب الميتَ، ودهشتُم حتى لم تقدروا على دفن الميت من غاية الخوف والدهشة، وتَركتُم الميتَ غيرَ مدفونٍ من عدم قدرتكم على الدفن من الخوف؛ يعني: لولا أني أخافُ أن يلحقَكم هذا الخوفُ والدهشةُ لَدعوتُ الله تعالى أن يُسمعَكم أصواتَ المعذَّبين في القبر، ويحتمل أن يكون معناه: إن سمعتُم صوتَ المعذَّب في القبر لم يدفن واحدٌ منكم أقاربَه؛ من خوف أن يسمعَ الناسُ أصواتَ أقاربه المعذَّبين في القبر، فيلحقه عارٌ وخجلٌ وفضيحةٌ، بل يُلقي مَن مات من أقاربه في الصحاري البعيدة من البلاد؛ وكيلا يسمعَ الناسُ صوتَ عذابه، فيصير مستخجلاً، فلولا أني أخافُ أن تفعلوا بموتاكم هذا الفعلَ لَدعوت الله تعالى أن يُسمعَكم أصواتَ المعذَّبين في القبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>