للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال: "ويحك! شأنُ الله أعلى وأجلُّ أن يستشفِعَ على أحد"، ثم قال: "أتدري"؛ أي: أتعلم وتعرف "ما الله؟ "؛ أي: ما عظمةُ الله سبحانه؟ وطَفِقَ يقِّرر عظمة الله سبحانه وتعالى.

وقال: "إن عرشَه على سمواته هكذا، وقال بأصابعه"؛ أي: أشار بأصابعه.

قال الخطابي: هذا الكلام إذا أُجْرِيَ على ظاهره كان فيه نوعٌ من الكيفية، والكيفية عن الله سبحانه وصفاتِه منفيةٌ.

فعُقِلَ أن المراد منه ليس تحقيقَ هذه الصفة ولا تحديدَه على هذه الهيئة، وإنما هو كلامُ تقريب، أريد به تقريرُ عظمة الله وجلاله سبحانه، وإنما قُصِدَ به إفهامُ السائل من حيث يدركُه فَهْمُه، إذ كان أعرابيًا جِلْفًا لا علمَ له بمعاني ما دقَّ من الكلام، وبما لَطُفَ منه عن درك الأفهام.

وقوله: "إنه ليئِطُّ به"؛ معناه: إنه ليعجزُ عن جلاله وعظمته حتَّى يَئِطَّ به، إذا كان معلومًا أن "أطيطَ الرَّحْلِ بالراكب" إنما يكون لقوةِ ما فوقَه، ولعَجْزِه عن احتماله.

فقرَّر بهذا النوعِ من التمثيل عنده معنى عظمةِ الله وجلاله وارتفاعِ عَرْشِه؛ ليعلمَ أن الموصوفَ بعلو الشأن وجلالة القَدْر وفخامة الذَّكْر لا يُجْعَلُ شفيعًا إلى ما هو دونَه في القَدْر وأسفلَ منه في الدرجة، وتعالى الله عن أن يكون مشبَّهًا بشيء، أو مكيَّفًا بصورة خَلْق، أو مُدْرَكًا بحدٍّ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١].

* * *

٤٤٥٦ - عَنْ جَاِبرٍ بن عَبْدِ الله - رضي الله عنه -، عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أُذِنَ لِي أَنْ أُحدِّثَ عنْ مَلَكٍ منْ ملائِكَةِ الله مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنيهِ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>