تعالى أعطاه شيئًا من المعجزات مِثْل ما آمنَ عليه البشرُ، وصدقوه؛ أي: ما يناسِبُه في ذلك الزمان، وينقادُ له أهلهُ، كقلب العصا ثعبانًا في زَمَنِ موسى، وإخراج اليد البيضاء؛ لأنَّ الغلبةَ في زمنهِ السحرُ، فأتاهم بما هو فوقَ السحر، وفي زمن عيسى الطِّبُّ، فأتاهم بما هو أعلى من الطب، كإحياء الموتى، وإبراء الأَكْمَه، وفي زمن رسولنا البلاغة والفصاحة، فجاء القرآن، وأبطَلَ الكُلَّ.
و (إنما) في "إنما كان الذي" للحَصْر؛ يعني: ما كان الذي أعطيت إلا وحيًا.
وفي الحديثِ إشارةٌ إلى معنًى دقيقٍ، وهو الوَحْيُ المنزَّل عليه، وهو عبارةٌ عن القرآن العظيم، الذي هو أعظمُ معجزاتهِ، الذي لا ينقرِضُ بموته، بل يبقى إلى يوم القيامة، وإذا استمرَّ المُعْجِزُ كَثُرَ أتباعه، فيكثُرُون كلَّ وقت، فلا ينقطعُ إلى منقرَضِ العالم، وغيرُه من الأنبياء انقرضَتْ معجزاتُهم بموتهم، فلذلك قلَّ تَبَعُهم.