٤٥٢٢ - وعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنتُ أَمشِي معَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وعليهِ بُرْدٌ نَجْرانِيٌّ غليظُ الحاشِيَةِ، فأدركَهُ أعرابيٌّ فجَبذَهُ بردائِهِ جَبْذَةً شَدِيدةً، رَجَعَ نبيُّ الله في نَحْرِ الأَعْرابيِّ، حتَّى نَظَرْتُ إلى صَفْحَةِ عاتِقِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثَّرَتْ بها حَاشِيَةُ البُرْدِ منْ شِدَّةِ جَبْذَتِه، ثُمَّ قَالَ: يا مُحَمَّدُ! مُرْ لي منْ مالِ الله الذي عِندَكَ، فالتفَتَ إليهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ ضحِكَ، ثمَّ أمرَ لهُ بعَطاءٍ.
قوله:"وعليه برد نجراني غليظ الحاشية" الحديث.
"نجران": بلد باليمن. "حاشية" كل شيء: طرفه. "أدرك": إذا لحق. "جبذ" وجذب بمعنى. "النحر": موضع القلادة من الصدر. "الصفحة": الجانب.
يعني: جر أعرابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بردائه من خلفه جرًا شديدًا، بحيث رجع في نحره؛ يعني: اصطدم بنحره، وصار عاتقه متأثرًا من شدة جره بحاشية بُرْدِه - صلى الله عليه وسلم -، فلما التفت إليه طلب منه شيئًا من الزكاة، فضحك، وأمر له بالإعطاء.
وفيه إشارة إلى أنَّ مَن ولي على قوم يُستحبُّ له الاحتمال من أذاهم، والاحتمالُ في نفس الأمر حسن، ومن الحكام أحسن.
* * *
٤٥٢٣ - عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسنَ النَّاسِ، وأجودَ النَّاسِ، وأشجَعَ النَّاسِ، ولقد فَزِعَ أهلُ المَدِينةِ ذَاتَ لَيلةٍ، فانطلقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوتِ، فاستقبلَهُم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قدْ سَبقَ الناسَ إلى الصَّوتِ، وهو يقول:"لَمْ تُراعُوا, لَمْ تُراعُوا"، وهوَ على فرسٍ لأبي طَلْحةَ عُرْيٍ ما عليهِ سَرجٌ، في عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ:"لقدْ وجدْتُهُ بَحْرًا".
وقوله:"ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة" الحديث.
قال في "شرح السنة": معناه: استغاثوا، والفزع يكون بمعنى الخوف،