للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التزميل: أنه أصابه رعدة من رؤية الملك وهيبته وعظمة القرآن، والمرتعد إذا زمِّل سكن به، فعبر عن هذا بالروع مجازًا، إذ الروع سبب الرعدة، فوضع السبب موضع المسبَّب.

قوله: "لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله" إلى قوله: "على نوائب الحق"، (كلا) هنا للردع، معناه: أمنع (١) من هذا الكلام.

(النوائب): جمع نائبة، وهي الحادثة؛ يعني: إذ رأى جبريلَ - صلى الله عليه وسلم - أول ما رأى خشي على نفسه من أن يكون ذلك نوعَ تخبُّطٍ من الشيطان، وقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أظن أنه عرض في شبه جنون" فقالت خديجة رضي الله عنها: كلا. أي: ليس الأمر كما تظن، والله إنَّ مَن اتصف بهذه الصفات الشريفة، وتعوَّد بهذه الخصال الحميدة، حفظه الله سبحانه عما يكرهه، وجعله مصونًا في كنف لطفه وعنايته، وقولها كان مناسبًا لما قيل: إن مكارم الأخلاق تقي مصارع السوء.

قال في "شرح السنة": و"تحمل الكَلَّ"؛ أي: المنقطع، تريد: إنك تعين الضعيف، وأصل (الكَلِّ): الذي لا يُعِين نفسَه لضعفه، ومنه قيل: العيال كَلٌّ، قال الله تعالى: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ} [النحل: ٧٦]؛ أي: ثقلٌ على وليه.

قال: ["وتكسب المعدوم"] وفي بعض الروايات: (وتَكْسِبُ المُعْدَم) وهو الأصوب؛ لأن (المعدوم) لا يدخل تحت الأفعال؛ أي (٢): تعطي العائل، يقال: كَسَبْتُ الرجلَ مالًا وأكسبته؛ أي: أعطيته، وبحذف الألف أفصح، هذا كله منقول من "شرح السنة".

قال الإمام التوربشتي: قلت: و (المعدوم) هي اللفظة الصحيحة بين أهل


(١) في "ق": "امتنع".
(٢) في جميع النسخ: "التي"، والمثبت من "شرح السنة" (١٣/ ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>