يا محمد ليتني أعيش في أيام نبوتك جذعًا؛ أي: قويًا شابًا بقوة الجذع من الخيل.
أما نظر الشيخ - رحمة الله عليه - فإلى المعنى؛ لأنه تمنى البقاء، فدلالة الحال تجوِّز إضمارَ (كان)، الهمزة في "أومخرجيَّ" للاستفهام، والواو للعطف، فأصله: مُخْرِجوني، فحذفت النون للإضافة، فصار: مُخْرِجوي، فقلبت الواو ياء لأن الواو والياء إذا اجتمعتا والأولى منهما ساكنة، قُلبت الواو ياءً، وأُدغمت الياء في الياء، ثم أبدلت ضمةُ الجيم كسرةً لتصح الياء، فصار: مُخْرِجيَّ، ورفعُه تقديري.
و"عُودِيَ": ماضٍ مجهولٌ من المعاداة.
ونَشِبَ يَنْشَبُ نَشَبًا: إذا تعلَّق، ومعناه ها هنا: لبث، فمعنى قوله:"ثم لم ينشَبْ ورقة أن توفي": لم يمكث ورقة بعدما تكلم بهذا إلا أيامًا يسيرة، ثم قبض روحه.
إن قيل: بماذا يحكم لورقة بعد موته، أبالسعادة أم الشقاوة؟.
قيل: بالسعادة ودخول الجنة، للنقل والعقل:
أما النقل: فما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"رأيت قسًا في الجنة" إذ كان من علماء النصارى، ولأنه رآه في نومه قد لبس ثيابًا بيضاء، والثياب البيض تدل على حسن حاله.
وأما العقل: فلأنه كان على دين حق، ولم ينسخ بعد؛ لأنه - صلوات الله عليه - كان أولَ زمان إرساله، ولم يدَّع نسخ الأديان، فحكمُه حكمُ غيره من النصارى قبل نسخ دينهم، أو أنه اعترف بالنبوتين العيسوية والمحمدية، وتمنى البقاء في نصرة الدين، فكأنه قد آمن به ونصره.