للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحظٍّ وافرٍ من الكشف والمشاهدة في مرآته التي هي الملكوت، فيطالع الأنوار الملكوتية ويشاهدها، وكذا الملكوتي إذا ظفر بمقام أتم (١)، يحصل له في مرآته التي هي الجبروت أسرار التدلَّيات والعندية.

وما المراد بقوله: (مثل صلصلة الجرس) إلا أن الوحي يأتيه بصوتٍ كصلصلة الجرس، فإنه قد ذُكر قبلُ أن هذا الإدراك لا يستدعي زمانًا ولا ترتيبًا، كما لا يستدعي الإدراك في المنام، لكن هذا الصوت الذي يسمعه هو صوت أجنحة الملائكة، كما روى البخاري بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله، كأنها سلسلة على صفوان"، (الأجنحة): جمع جناح الطائر، وهو يده، (الخضعان والخضوع): التواضع، و (الصفوان): الحجر الأملس؛ يعني: صوت أجنحة الملائكة حالةَ ما قضى الله سبحانه أمرًا تواضعًا لأمره تعالى كصوت سلسلةٍ وقعت على الحجر الأملس.

* * *

٤٥٥٩ - عَنْ عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ: كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُنزِلَ عَلَيهِ الوَحْيُ كُرِبَ لِذلِكَ وَتَرَبَّدَ وجْهُهُ.

وفي رِوَايةٍ: نكًسَ رأسَهُ، ونَكَسَ أَصْحَابُهُ رؤسَهُمْ، فلمَّا سُرِّيَ عنهُ رَفَعَ رأسَهُ.

قوله: "إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك، وتربد وجهه"، (الكرب): الغم الذي يأخذ بالنفس، تقول: كربه الغم: إذا اشتد عليه، (تربَّد وجهه واربَّد)؛ أي: تلوَّن، فصار كلون الرماد.


(١) في "ق": "ثم".

<<  <  ج: ص:  >  >>