وأُدغمت (الطاء) في الطاء، ومعناه: طَلَبَ ليهريق، هذا اللفظ من أَرَاقَ يُرِيقُ إراقةً: إذا صبَّ الماءَ وغيرَه، فقُلبت الهمزةُ هاءً، فقيل: هَرَاقَ يُهَرِيقُ: بفتح الهاء؛ لأن أصلَ يُريق: يُؤَرِيقُ بفتح الهمزة، فحُذفت الهمزةُ كيلا تجتمع همزتان في الإخبار عن نفس المتكلم، نحو قولك:(أُريق)؛ فإن اجتماعَ الهمزتَين ثقيلٌ، فلمَّا قُلبت الهمزةُ هاءً زال عنه الثقل، فلم يُحذَف في المستقبل وغيره، فقيل: يُهَراق.
وقيل: بل الهاءُ ساكنةٌ زائدةٌ في الماضي وغيره، تقول في الماضي: أَهْرَاقَ بسكون الهاء، وفي المستقبل: يُهَرِيقُ، وأصله: يُؤَهْرِيق بفتح الهمزة وبقيت الهاءُ ساكنةً.
واعلم أن (الناس) في قوله: "أبغض الناس" ليس المراد به: جميع الناس؛ لأن المراد من المذكورين في هذا الحديث: مسلمون، فكيف يكون المسلمون أبغضَ إلى الله من الكفار، بل يراد به: المُذنِبون؛ يعني: أبغضُ المسلمين المُذنبِين إلى الله تعالى هذه الثلاثةُ؛ لأن هذه الذنوبَ الثلاثةَ المذكورةَ في هذا الحديث أشدُّ الذنوب.
* * *
١٠٤ - وقال:"كلُّ أُمتي يَدخلونَ الجنَّة إلَاّ مَنْ أَبى"، قالوا: ومَنْ يأْبى يا رسول الله؟ قال:"مَنْ أَطاعني دخلَ الجنَّةَ، ومَنْ عصاني فقد أَبى"، رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -.
قوله:"إلا مَن أَبَى"؛ أي: امتَنع عن قَبول الشرع أو عن العمل بالشرع، فمَن امتنعَ عن قَبول الشرع جاحدًا واستخفافًا للشرع فهو كافرٌ لا يدخل الجنةَ، ومَن ترك شيئًا من الشرع غيرَ جاحدٍ، بل من الكسل فهو مسلمٌ مُذنِبٌ وهو يدخل الجنةَ؛ إلا أنه يدخل الجنةَ بعد أن يعذَّبَ بقَدْر ذَنْبه، أو قبل أن عُذب، فهذا في