قوله:"ومَن عصاني فقد أَبَى": هذا يدل على أن مَن عَصَى رسولَ الله لا يدخل الجنةَ؛ لأنه قال:(كلُّ أمتي يدخلون الجنةَ إلَاّ مَنْ أَبَى)؛ أي: مَنْ أَبَى لا يدخل الجنةَ فإن كان مَن عصاه كافرًا فلا شك أنه لا يدخلُ الجنةَ، وإن كان مسلمًا فهذا يكون للزجر والتهديد.
* * *
١٠٥ - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: جاءتْ ملائكةٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو نائمٌ فقالوا: إنَّ لصاحبِكُم هذا مثَلاً فاضرِبُوا له مثَلاً، قال بعضُهُمْ: إنَّه نائمٌ، وقال بعضُهُمْ: إنَّ العيْنَ نائمةٌ والقلبَ يَقْظانُ، فقالوا: مثَلُهُ كمثَلِ رجل بنى داراً، وجعل فيها مَأدُبةً، وبعثَ داعيًا، فمَنْ أجابَ الداعيَ دخلَ الدَّارَ وأَكلَ من المَأْدُبة، ومَنْ لمْ يُجبِ الداعيَ لمْ يدخُلِ الدَّارَ ولمْ يأْكلْ مِنَ المأدُبة، فقالوا: أوِّلُوها لهُ يَفْقَهْها، قال بعضُهُمْ: إنَّه نائمٌ، وقال بعضُهُمْ: إنَّ العينَ نائمةٌ والقلْبَ يَقْظانُ، فقال بعضهم: الدارُ الجنَّةُ، والدَّاعي محمدٌ، فمَنْ أطاعَ محمدًا فقد أطاعَ الله، ومَنْ عصى محمدًا فقدْ عصَى الله، ومحمدٌ فرق بينَ الناس.
قوله:"جاءت ملائكة"؛ أي: جاءت جماعةٌ من الملائكة "إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -"؛ ليضربوا له مَثَلاً ليحفظَه ويخبرَ به أُمتَه، "فقالوا: إن لصاحبكم هذا مَثَلاً"؛ أي: فقال بعضُ أولئك الملائكة لبعض: (إن لصاحبكم)؛ أي: لمحمدٍ هذا، و (هذا): إشارةٌ إلى محمد عليه السلام.
المِثْل والمَثَل والشِّبْه والشَّبَه واحد، وأكثر استعمال (المَثَل) في شيءٍ يُشبَّه به شيءٌ آخرُ تقول: زيدٌ مَثَلٌ في الجُود؛ أي: له جودٌ كثيرٌ يُشبَّه الأسخياءُ به.