من معظمات الأمور ومشاهيرها، فكيفَ يجوزُ أن يخفى على الملائكة ظهورُها؟
قيل: ربما يخفى عليهم ظهورها، ولو كانَ مِنْ عظائم الأمور؛ لاستغراقهم فيما عنده تعالى وتقدَّس، ورُبما لا يخفى عليهم ظهورُها، لكنهم سألوا عن الإرسال تعجبًا بما أنعمَ الله عليه، أو فرحًا واستبشارًا لعُروجه.
قوله:"فلما خَلَصْتُ فإذا فيها آدمُ، فقال: هذا أبوكَ آدمُ، فسلَّم عليه": خَلَصْتُ؛ أي: بلغْتُ وأتيت.
قيل: أمرَ جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالتسليم على الأنبياء - عليهم السلام -؛ لأنه كانَ مارًا عليهم، فكأنه قائمٌ، وهم قعودٌ، ومعلومٌ أن القائمَ يسلمُ على القاعد، وإن كان أفضل.
قيل: رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أرواحَ الأنبياء - صلوات الله عليهم - في السماوات، وفي بيتِ المقدس مُشكَّلة بصورهم التي كانوا عليها في الدنيا، إلا عيسى عليه السلام، فإنه يحتمل أنه رأى شخصَه لا رُوحه المُشكَّل بصورتهِ كرؤيته غيرَه من الأنبياء.
قوله:"وهُما ابنا خَالة"؛ يعني: يحيى وعيسى - عليهما السلام -، كانا ابني خالة؛ لأن عيسى بن مريم ابنة عمران، وهو يحيى بن الأشيع بنت عمران.
قوله:"فلمَّا تَجاوَزْتُ بَكَى": يريد به: موسى عليه الصلاة والسلام.
قال الخطابي: لا يجوز أن يُتأوَّل بكاءُهُ على الحَسَدِ له؛ لأن ذلك لا يليقُ بصفات الأنبياء - عليهم السلام -، وأنه بكى من الشَّفقة على أُمته إذا قَصرَ عددُهُم عن مَبْلَغِ أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قيل: يحتمل أنه لما علم أنه نبيُّ آخرِ الزمان، وعلى عَقبه تقوم الساعة، فَأشفق من دنوها، فبكى.