الدنيا:"أجوعُ يومًا وأشبعُ يومًا"، ولكانت مظنة لمفاسدَ كثيرة في أُمته من الهمَّ إلى جمع الدنيا والإكباب عليها، والحرصِ العظيم في تحصيلِها، المؤدي إلى مَرارة الفِطام الضروري عنها.
قوله:"هي الفِطرةُ أنتَ عليها وأمَّتُكَ"؛ يعني: قال لي جبرائيل عليه السلام: اخترت اللبن هي الفطرة؛ أي: ما اخترتَهُ هي الفطرةُ المذكورة التي جُبلْتَ أنتَ وأمَّتك عليها، وهي الاستعدادُ لقَبولُ السَّعادات الأبدية، التي أوَّلُها الانقيادُ للشرع، وآخرها الوصول إلى الله سبحانه.
قوله:"أمضيْتُ فريضتَيِ، وخفَّفْتُ عن عبادي"، يقال:(أمضيت الشيءَ الفلانيَّ): إذا أنفذتُه؛ يعني: نُودي: قد أَنفذْتُ فريضتي على عبادي، وخفَّفْتُ عنهم، فهي خمسُ فرائض كلَّ يوم وليلة في التخفيف، وخمسون فريضة في التضعيف.
كما قال في رواية أخرى:"فقال: هي خمسٌ، وهي خمسون, لا يُبدَّلُ القولُ لديَّ"؛ أي: لا تَبديل ولا خُلف لأمري، يعني: ما قضيْتُ عليكم من الفرائضِ لا تبديلَ له، فإن الخمسَ المخفَّفة في العددِ هي الخمسون عندي في التضعيف، [يعني: التخفيفُ من الخمسين إلى الخَمس نظرًا إلى المعنى والحقيقة؛ لأنه من باب الحَسنة، والحسَنةُ بعشرِ أمثالِهَا، فالصلواتُ الخمسُ في العشر تصير خمسين صلاةً، فلهذا خُفِّفَتْ إلى الخمس، فإذا كان كذلك، فالصلوات الخَمسون حكمها باقٍ في الأجر والثواب.
أو يريد: أنه يعطي على خَمس صلواتٍ من الثَّواب ما كان يعطي على الخمسين لو فعلوها، فيصيرُ الثواب خمس مئة ضعف] (١).
(١) ما بين معكوفتين في "ش" و"ق" مؤخر بعد قوله: "قال أرشد الدين الفيروزاني في شرحه".