للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القِتَالُ قاتَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَشَدِّ القِتالِ وكثُرَتْ بهِ الجِراحُ، فجَاءَ رَجُلٌ فقال: يَا رَسُولَ الله! أَرَأَيْتَ الذِي تَحدَّثْتَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، قَدْ قاتَلَ في سَبيلِ الله مِنْ أَشَدِّ القِتالِ فكثُرَتْ بهِ الجِرَاحُ، فَقَال: "أَمَا إِنَّهُ منْ أَهلِ النَّارِ"، فكادَ بعضُ المُسْلِمِينَ يَرتابُ، فبَيْنَما هُمْ عَلَىَ ذَلِكَ إذْ وَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الجِراحِ فَأَهْوَى بيَدِه إلى كِنانتِهِ فانتزَعَ سَهْمًا فانتحَرَ بهِ، فاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمينَ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالوا: يا رسولَ الله! صَدَّقَ الله حَديثَكَ، قَدْ انتحَرَ فُلانٌ وقتلَ نفسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أَكْبرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبدُ الله ورَسُولُهُ، يَا بِلالُ! قُمْ فأذِّنْ: لا يَدخلُ الجَنَّةَ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، وإنَّ الله لَيُؤيدُ هذا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ".

قوله: "فكثرت به الجراح": (الجراحُ): جمع جِراحة، بالكسر.

قوله: "فكاد بعض المسلمين يرتاب"، (ارتاب): إذا شكَّ؛ أي: فقَرُبَ بعضُ المسلمين أن يرتابوا في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن ذلك المجروحِ المُجِدِّ في القتال أنه من أهل النار، فتضَحَ حاله أنه من أهل النار، وما ارتابوا، ويأتي شرح حاله في باقي الحديث.

قوله: "فأهوى بيده إلى كنانتِهِ، فانتزع سهمًا، فانتحرَ بها"، (أهوى بيده): إذا ألقاها، والمراد به ها هنا: مال إلى الكِنانةِ، [وهي] الجَعْبة.

(فانتزع سهمًا)؛ أي: سلَّه.

قال في "الصحاح": يقال: انتحرَ الرجلُ؛ أي: نحر نفسه، وفي المثل: سُرِق السارقُ فانتحرَ.

يعني: مال إلى كنانته، فسلَّ سهمًا، فقتل نفسه بذلك.

قوله: "فاشتدَّ رجالٌ من المسلمين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، (اشتد إليه)؛ أي: عدا قاصدًا إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>