للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا كله لفظُ الإمام.

قوله: "هذه البئر التي أريتها"؛ أي: هذه البئر هي التي أراني جبريلُ إياها.

قوله: "وكأن ماءها نقاعة الحناء"؛ أي: كأنَّ ماءَ تلك البئر متغيرٌ لونه، كمثل ماء نُقِعَ فيه الحناء.

قوله: "وكأنَّ نخلها رؤوسُ الشياطين، فاستخرجه": أراد بالنخل طلع النخل، وقيل: إنما أضاف النخل إلى البئر؛ لأنه كان مدفونًا فيها، وإنما شبهه برؤوس الشياطين؛ لقبح صورته وكراهة منظره؛ لأن العربَ إذا استقبحوا شيئًا شبَّهوه بوجه الشيطان ورأسه لقبحه، وإن لم يكونوا رأوه، والكلامُ القديمُ منزَّلٌ على سنن كلامهم؛ قال الله - عز وجل -: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: ٦٥].

وقيل: إنها رقيقة كرؤوس الحيات، والحية لخبثها يقال لها: شيطان.

قال الشيخ في "شرح السنة": قال الخطابي: قد أنكر قومٌ من أصحاب الطبائع السحرَ، وأبطلوا حقيقتَهُ، ودفع آخرون من أهل الكلام هذا الحديث، وقالوا: لو جاز أن يكون له تأثيرٌ في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يُؤمَنْ أن يُؤثِّرَ ذلك فيما يُوحَى إليه من أمر الشرع، فيكون فيه ضلالُ الأمة.

الجواب: أن السحر ثابت، وحقيقته موجودةٌ، اتفق أكثر الأمم من العرب والفرس والهند وبعض الروم على إثباته، وهؤلاء أفضلُ سكان الأرض، وأكثرهم علمًا وحكمة، وقد قال الله: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْر} [البقرة: ١٠٢] , وأمرَ بالاستعاذة منه، فقال: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤]، ووردَ في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبارٌ لا ينكرها إلا من أنكر العِيانَ والضرورةَ, وفرَّع الفقهاءُ فيما يلزم الساحرَ من العقوبة، وما لا أصلَ له لا يبلغُ هذا المبلغَ في الشهرة والاستفاضة، فنفي السحر جهلٌ، والردُّ على من نفاه لغوٌ.

فأما ما زعموا من دخول الضرر في الشرع بإثباته، فليس كذلك؛ لأنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>