إِلَّا مَقْتُولاً في أَوَّلِ مَن يُقتَلُ مِن أَصحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإِنَّي لا أَتْركُ بعدي أَعَزَّ عليَّ مِنْكَ غيرَ نفسِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّ عَليَّ دَيْنًا فاقْضِ، واستَوْصِ بأخواتِكَ خَيْرًا، فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيْلٍ، ودَفَنْتُه معَ آخرَ في قبرٍ.
قوله:"ما أُراني إلا مقتولاً في أوَّلِ مَنْ يُقتل من أصحاب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -"، (أُرى)؛ أي: أَظُن، و (ني) مفعوله الأول، و (مقتولاً) مفعوله الثاني، وقوله:(ما أراني إلَاّ مقتولاً) كان كرامة له.
٤٦٥٣ - وقَالَ عَبدُ الرَّحمنِ بن أَبي بَكْرٍ - رضي الله عنهما -: إنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُناسًا فُقَراءَ، وإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مَن كَانَ عِندَهُ طَعَامُ اثنينِ فلْيَذهبْ بثالثٍ، ومَن كَانَ عندَه طَعَامُ أَربَعةٍ، فليَذهبْ بخَامِسٍ، أو سَادِسٍ"، وإنَّ أَبَا بكرٍ جَاءَ بثَلاثةٍ، وانطلقَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ، وإنَّ أبا بَكْرٍ تَعَشَّى عِندَ النَّبيِّ عن - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ لَبثَ حتَى صُلِّيَت العِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فلبثَ حتَّى تَعَشَّى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فجَاءَ بعدَ ما مَضَى مِن الَّليلِ ما شَاءَ الله، قالَتْ له امرأتُهُ: مَا حَبَسَكَ عن أَضْيَافِكَ؟ قَالَ: أَوَ مَا عَشَّيْتِيهم؟ قالَت: أَبَوا حتَّى تَجيءَ، فغضبَ وقَالَ: والله لَا أَطْعَمُه أَبَدًا، فَحَلفَتِ المَرأةُ أنْ لا تَطعمُه، وحَلَفَ الأَضْيَاف أَنْ لا يَطَعمُوه، قَالَ أبو بكرٍ - رضي الله عنه -: كانَ هذا مِن الشَّيطانِ، فَدَعَا بالطَّعَامِ فأَكَلَ وأَكَلُوا، فجَعَلُوا لا يرفعُون لُقْمَةً إِلَاّ رَبَتْ مِن أَسْفلِها أَكثَرُ منها، فقالَ لامرأتِه: يا أُختَ بني فِرَاس! ما هذا؟ قَالَت: وقُرَّةِ عيني، إِنَّها الآنَ لأَكثرُ منها قبلَ ذلكَ بِثَلاثِ مِرارٍ، فأكلوا، وبَعَثَ بها إِلى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذُكِرَ أَنَّه أَكَلَ منها.
قوله:"تعشَّى عند النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -"، (تعشى): إذا أكل العشاء، وهو طعام الليل.