مُسْنِدةٌ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيتُهُ يَنْظُرُ إِلَيه، فعَرَفْتُ أنهُ يُحِبُّ السِّواكَ، فَقُلتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فأَشَارَ برأسِهِ أنْ نَعَمْ، فتَناولْتُهُ، فاشتَدَّ عَلَيهِ فَقُلْتُ: أُلَينُه لكَ؟ فأَشَارَ برأسِهِ: أنْ نَعَمْ، فلَيَّنْتُه، فأَمَرَّهُ على أَسْنَانِهِ، وبينَ يديْهِ رَكْوَةٌ فيها ماءٌ، فجعلَ يُدخِلُ يدَهُ في الماءِ فيَمسحُ بها وجْهَهُ ويَقُولُ:"لا إلهَ إلا الله، إنَّ للمَوتِ سَكَراتٍ"، ثُمَّ نَصَبَ يده فجعلَ يقولُ:"في الرَّفيقِ الأَعلَى"، حتَّى قُبضَ ومالَتْ يدُه.
قولها:"إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفِّي في بيتي، وفي يومي، وبين سَحْري ونَحْري"، (السحر) - بالفتح والضم -: الرئة، و (النحر): موضع القِلادة من الصدر.
وقال أبو عبيدة: هو ما لحق ولصق بالحُلْقوم من أعلى البطن.
قال الحافظ أبو موسى: قال القتبي: بلغني عن عمارة، عن عقيل، عن بلال بن جرير: أنه قال: إنما هو (بين شجري ونجري) - بالشين المنقوطة والجيم -، (الشجر): التشبيك، يريد: أنه قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ضَمَّته بيدها إلى نحرها وصدرها، قال الحافظ: الرواية هي الأولى.
قولها:"وأن الله جَمَعَ بين رِيقي وريقِه عند موته"، والجمع بين الريقين مفهوم من باقي الحديث، وهو أنها ليَّنَتِ السواكَ بريقها، وأعطته رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَمَرَّه على أسنانه - صلى الله عليه وسلم -، فاجتمع الريقان.
قوله:"إنَّ للموت سَكَرات"، (السكرات): جمع سَكْرة، وهي الشدة والمَشقَّة.
قوله:"في الرفيق الأعلى"، قال في "شرح السنة": قيل: هو اسم من أسماء الله تعالى، كأنه أراد: أَلْحِقْني بالله.
وقال الأزهري: غَلِط هذا القائل، و (الرفيق) ها هنا: جماعة الأنبياء - صلوات الله عليهم - الذين يسْكُنون أعلى عِلِّيين، اسم جاء على فعيل معناه: